السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المتنبي الرجل الذي قيل عنه أنه أشعر العرب ومازال وبعد 1100 عام على مقتله يحتفظ لنفسه بمكانة مرموقة جدا بين شعراء العرب في
المتنبي الرجل الذي قيل عنه أنه أشعر العرب ومازال وبعد 1100 عام على مقتله يحتفظ لنفسه بمكانة مرموقة جدا بين شعراء العرب في كل العصور
هذا الرجل نطق بالأعاجيب وفعل الأعاجيب وعاش 51 عاما وترك الدنيا وعليه جدل صارخ صاخب
اسمه أحمد بن الحسين و لم يختلف أحد أن هذا الشاعر العملاق صاحب الموهبة الفذة كان له همة عالية ونفس كبيرة ونرجسية فائقة تستفز نقمة كل لبيب فقد قال :
أي محل أرتقي أي عظيم أتقى
وكل ماخلق الله ومالم يخلق
محتقر في همتي كشعرة في مفرقي
وقد شبه نفسه بالأنبياء حين قال :
ما مقامي بأرض نخلة
إلا كمـقام المسيح بين اليهود
أنا في أمة تداركها اللــ ـه
غريب كصالح في ثمود
وهوالقائل مادحا شعره وتأثيره :
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
ويصف عظمة أشعاره وجهد الناس في فهمها ومدارستها فيقول :
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها
وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
وهو فلم يتورع أن جعل الزمان
بعض رواة شعره حيث قال :
وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشمّرا
وغنّى به من لا يُغنّي مغرّدا
ودعْ كل صوت غير صوتي فإنني
أنا الصائح المحكي والآخر الصدى
فهو نرجسي ينزل نفسه المنزل الذي يراه مستحقا لها كان يمدح نفسه في شعره عندما يمدح الوجهاء والملوك طلبا لعطاياهم ويكفينا أنه قال قصيدة يمدح فيها ابن إسحاق التنوخي وقد نسب بعض كارهي المتنبي وحاسديه قصيدة يهجو فيها المتنبي التنوخي فأراد المتنبي أن ينفي هذه التهمة عن نفسه ويمدح التنوخي في ذات الوقت فانظر ماذا قال عن نفسه وهو يمدح الرجل :
أغرك ياابن اسحاق إخائي
وتحسب ماء غيري من إنائي
ولد في الكوفة في القرن الرابع الهجري عام303 وتنقل بين العراق ومصر والشام وفارس مادحا للملوك بشعره الجزل القوي طالبا لجوائزهم طامعا في أن يتولى حكم ولاية ليشبع بها نهم نفسه التي يراها عظيمة
عاش هدفا للعداوة للوشاية والحرب الشعواء من حاسديه لحظوته ومكانته عند الأمراء ممن مدحهم
ومات ضحية هجاء وقح هجا به ابن أخت رجل يسمى فاتك بن أبي جهل الأسدى فتعرض له ليلا لينتقم منه لابن أخته التي هجاه المتنبي بأمه هجاء فاحشا وتقاتلا في جماعتين وأثناء القتال فكر المتنبي في الفرار ولكن غلامه قال له كيف تفر و أنت القائل :
والخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فرجع عن الفراروقاتل وقُتل وقُتل معه ابنه محسد وبعض من رفقائه وانسدل الستار على واحد من أعظم أهل الدنيا شعرا وكان ذلك عام354 من الهجرة لذا قيل عن هذا البيت الذي قاله غلامه أنه البيت الذي قتل قائله .
وقيل عن المتنبي أنه ادعى النبوة وفي سيرته مايثبت ذلك وماينفيه و الأرجح أنه لم يدع النبوة أو أنه تاب عن ذلك بعد أن ادعاه لأنه ببساطة كيف سيتسنى له أن يمشي على الأرض آمنا في كل البلدان الإسلامية التي مر بها دون أن يقتله حاكم أو أحد العامة وهو مدع للنبوة
أجمل ما أعرفه عن المتنبي هو شعر الحكمة الذي اشتهر به وقد فوجئت بأن كثيرا من الحكم المتداولة التي نقرؤها هي صنيعة المتنبي ذلك الشاعر الماهر فمن أشهر مانسمعه من حكم شعرية هو قائلها :
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظننّ بأنّ الليث يبتسم
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
ما كلّ ما يتمنّاه المرء يدركه
تجري الرّياح بما لا تشتهي السفن
مصائب قوم عند قوم فوائد
أنا الغريق فما خوفي من البلل
ذو العقل يشقى في النّعيم بعقله
و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم
شرّ البلاد مكانٌ لا صديق به
و شرّ ما يكسب الإنسان ما يصم
أعزّ مكان في الدّنى سرجٌ سابح
و خير جليس في الزّمان كتاب
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
و إذا لم يكن من الموت بدٌّ
فمن العجز أن تموت جباناً
ومن يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرحٍ بميت إيلام
وإذا كانت النّفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
عش عزيزا أو مت وأنت كريم
بين طعن القنا وخفق البنود
و ما انتفاع أخي الدّنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظلم
إذا غامرت في شرفٍ مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمرٍ صغير
كطعم الموت في أمرٍ عظيم
يرى الجبناء أن العجز عقل
وتلك خديعة الطبع اللئيم
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً
وافته من الفهم السقيم
لا يخدعنّك من عدوٍّ دمعه
وارحم شبابك من عدوٍّ ترحم
وإذا أتتك مذمّتي من ناقص
فهي الشّهادة لي بأنّي كامل
و لم أر عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على الكمال
ومن يكن ذا فم مر مريض**
**يجد مرا به الماء الزلالا
وهناك أبيات أخرى للمتنبي تحمل حكما عميقة و رائعة ولكنني فضلت ذكر المشهور منها فقط
وآخر ما أقوله عن المتنبي أن الدين والأخلاق يريانه بعين مغايرة للعين التي يراه بها الأدباء والنقاد ومحبو الأدب
على الرغم أنه كان يعف بنفسه عن مجالس المجون والخمر .