ينبغي لمن أراد أن يعلم سرَّ عظمة محمد صلى الله عليه و سلم ،
أن يتخيَّل رجلاً وحيداً فقيراً ، تمكنت من قلبه عقيدةٌ
فنظر حوله فإذا الناس كلهم في في جانبٍ و إذا هو بمفرده في جانبٍ
هو وحده الذي يدين بدين جديد ، بينما الدنيا كلها
(أهله و عشيرته و بلده و أمته
و الفرس و الروم و الهند و الصين و كل شعوب الأرض)
لا يرون ما يرى ، و لا يشعرون له بوجودٍ
هذا موقف النبيِّ صلى الله عليه و سلم ، و هذا موقف العالمِ ..
رجلٌ عاطل من كل قوة و سلاح ،
إلَّا مضاء االعزيمة و صلابة الإيمانِ ، امام عالمٍ تدعمه قوة العدد و العُدَّة
و تؤازره حرارة عقيدةٍ قديمة شبَّ عليها و ورثها عن أسلافه
و اتخذت لها في قرارة نفسه و أعمق تاريخه جذورا
ليس من السَّهل اقتلاعها على أوَّل قادمٍ !!
فالنبي صلى الله عليه و سلَّـــــمَ هو ذلك القادمُ
الذي يريد ان يقتلع تلك الجذورَ ، و يضع مكانها غرسا جديداً
و العالَم القديم هو ذلك السَّادن القوي لتلك الشجرة العتيدةِ
يذود عنها و تأبى كرامته أن يفرط في ورقة منها !!
و لقد جاهد الرسول صلى الله عليه وسلم
فعلا في كل لحظة من لحظات حياته ،
إلى أن استطاع ذات يومٍ أن ينقل العقيدة
التي في قلبه حارة قوية إلى قلوب الناس جميعًا...
و هنا كان النصر الاخير و تمت المعجزة..