السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما يخرج الصمت عن صمته
جمعت الحروف حقائبها ، ولمت الأقلام ذوائبها ، ورحلت كئيبة محتارة ، وهي مجبرة على الرحيل وليست مختارة ، تقدم رِجلا وتؤخِر أُخرى ، بين الرجوع والهجران إلى الأبد ، لأن القلم يئس من عبوديتها وتعب من أنامل تجره كلما دعت الضرورة ، ففكر ثم قرر أن يدخل في سبات عميق ، حيت يتجرع خيالا منه لا يستفيق ، مصمما أن يغير جنسيته من الخادم المطيع إلى العاصي الأبق ، فهو على حد قوله " أنه منذ نعومة أظافره ورحلته مع المعاناة لم تنته " مؤكدا أنه يحب أن يكتب عن السعادة ، وكذلك عن الأمل وعن التفاؤل ، وعن الخير ..
ولكن إلى متى ستبقى الكلمات حبيسة ؟ أم أن الإعدام قدر لها في نحرها ؟ما جرى بين القلم والكلمات استدعى تدخل شيخٍ حكيم ألا وهو الصمت الذي خرج عن صمته ، محاولا إقناع القلم المتمرد ، الذي هو حين من الحس تجرد ، ومن الصدق تبدد ، وعلى النفاق تمدد ، وبنفس الأفكار تجدد ، حتى تعب ومسه النكد من الحياة ، ولم ير شيئا بعد فيها .
وجرى بينهما حوار راقي وجب الإقتداء به ، وهذا جانب منه /الصمت : أتدرك ما أنت فاعل يا قلم ؟ القلم : نعم أيها الصمت ، وأنت ليس من حقك أن تتكلم لأنك مرتاح البال
إضافة إلى أنك أغلى من الكلام قيمة فهو من فضة وأنت من ذهب
الصمت : يا صديقي ليس كل ما يلمع ذهباالقلم : في اعتقادي: كلما يلمع ذهباالصمت : اعتقادك خاطئ يا صديقي فأنا من يضمر في خلجاته الكثير من الألم ،
أما الكلام فهو الأكثر اطمئنانا لأنه يفرج عن نفسه ويبوح بأسراره للعام والخاص
وأنت الذي يُشرف على ترجمة ذلك القلم : صدقت هذا صحيح وأنا شاهد على ذلك ولا يمكنني أن أنكر كل هذاالصمت : إذا رأيتني أبتسم بين لحظة والأخرى فاعلم أن في عيوني ألف دمعة وعبرة القلم : أرجوك يكفي ألماالصمت : من كتب القناعة كنز لا يفنى ؟ من كتب أن القلب مدينة يسكنها الأوفياء ؟ ومن كتب ....؟ القلم : أنا ... أنا ... أنا الصمت : هل فيها ألم ؟ القلم : لا بل فيها سعادة ما بعدها سعادة ،فيها المحبة فيها الوفاء إنها الأمل بعينه الصمت : أرأيت ؟ إذا احمد الله عز وجل على نعمة الكتابة فخادم القوم سيدهم القلم : شكرا صديقي على النصيحة ولن أتمرد بعد اليوم ،
سأكون خادما مطيعا للكلمات صادقا ما حييت ،
وأنت أيتها الكلمات تعالي إلي لأضمك بصدر رحب ولن أهجرك بعد اليوم