وذكر ما تقدم من إخباره لهم بمروره بعيرهم وما كان من شربه مائهم،
فأقام الله عليهم الحجة واستنارت لهم المحجة، فآمن من آمن على يقين
من ربه وكفر من كفر بعد قيام الحجة عليه.كما قال الله تعالى:
(وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) [ الاسراء: 60 ]
أي اختبارا لهم وامتحانا.
: و مذهب جمهور السلف والخلف من الاسراء كان ببدنه وروحه
صلوات الله وسلامه عليه كما دل على ذلك ظاهر السياقات من ركوبه
وصعوده في المعراج وغير ذلك.ولهذا قال فقال: (سبحان الذي أسرى
بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه)
[ الاسراء: 1 ] والتسبيح إنما يكون عند الآيات العظيمة الخارقة
فدل على أنه بالروح والجسد والعبد عبارة عنهما.
وأيضا فلو كان مناما لما بادر كفار قريش إلى التكذيب به والاستبعاد
له إذ ليس في ذلك كبير أمر، فدل على أنه أخبرهم بأنه أسري
به يقظة لا مناما.
13- البخاري باب حديث المعراج: عن أنس بن مالك، عن مالك بن
صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به.
قال: " بينما أنا في الحطيم - وربما قال في الحجر - مضطجعا إذ أتاني
آت " فقال وسمعته يقول: " فشق ما بين هذه إلى هذه " فقلت للجارود
وهو إلى جنبي ما يعني به.قال: من نقرة (ثغرة نحره) نحره إلى شعرته،
وسمعته يقول من قصه إلى شعرته.
" فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل
قلبي ثم حشي ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض "
فقال الجارود: وهو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس: نعم !:
" يضع خطوه عند أقصى طرفه.فحملت عليه، فانطلق بي جبرائيل
حتى أتى السماء الدنيا، فاستفتح قيل من هذا ؟ قال جبرائيل قيل
ومن معك ؟ قال: محمد.قيل: وقد أرسل إليه ؟ قال: نعم ! قيل:
مرحبا به فنعم المجئ جاء، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال:
هذا أبوك آدم، فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال:
مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثانية
فاستفتح قيل: من هذا ؟ قال: جبرائيل، قيل: ومن معك ؟ قال: محمد،
قيل: وقد أرسل إليه [ قال نعم ! ] قيل: مرحبا به فنعم المجئ جاء،
ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة.
قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت عليهما فردا ثم قالا:
مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح.
ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح جبرائيل قيل من هذا ؟
قال جبرائيل قال ومن معك ؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه ؟
قال: نعم ! قيل: مرحبا به فنعم المجئ جاء، ففتح فلما خلصت
إذا يوسف قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال:
مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح.ثم صعد بي حتى أتى السماء
الرابعة فاستفتح قيل: من هذا ؟ قال: جبرائيل قال: ومن معك ؟ قال:
محمد قيل وقد أرسل إليه ؟ قال: نعم ! قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء.
فلما خلصت إذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه فرد،
ثم قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح.ثم صعد بي حتى أتى السماء
الخامسة فاستفتح قيل من هذا ؟ قال: جبرائيل، قيل: ومن معك ؟
قال محمد قيل: وقد أرسل إليه ؟ قال نعم ! قيل مرحبا به فنعم المجئ
جاء.فلما خلصت إذا هارون قال هذا هارون فسلم عليه فسلمت عليه
فرد ثم قال: مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح.
ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح فقيل من هذا ؟
قال جبرائيل قيل ومن معك ؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه ؟
قال نعم ! قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء.فلما خلصت إذا موسى قال
هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال: مرحبا بالاخ الصالح
والنبي الصالح.فلما تجاوزت بكى، فقيل له ما يبكيك ؟ قال: أبكي
لان غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر من يدخلها
من أمتي.
ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبرائيل قيل: من هذا ؟
قال: جبرائيل، قيل: ومن معك ؟ قال محمد.قيل وقد بعث إليه ؟
قال نعم ! قيل مرحبا به فنعم المجئ جاء.فلما خلصت إذا إبراهيم قال:
هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال:
مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح.ثم رفعت إلى سدرة المنتهى
وإذا أربعة أنهار، نهران ظاهران، ونهران باطنان.فقلت: ما هذا يا جبرائيل ؟
قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات،
ثم رفع لي البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم أتيت
باناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن قال:
هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك.ثم فرض علي الصلوات خمسون
صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى فقال بما أمرت ؟
قال أمرت بخمسين صلاة كل يوم.قال: إن أمتك لا تستطيع
خمسين صلاة كل يوم، وإني والله جريت الناس قبلك وعالجت
بني اسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لامتك،
فرجعت فوضع عني عشرا.فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت
فوضع عني عشرا.فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع
عني عشرا.
فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم،
فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى
فقال: بم أمرت ؟ فقلت: بخمس صلوات كل يوم.قال إن أمتك
لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك
وعالجت بني اسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف
لامتك.قال: سألت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم.
قال: فلما جاوزت ناداني مناد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي ".
هكذا روى البخاري ثم قال البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى:
(وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس).قال: هي رؤيا عين أريها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس،
والشجرة الملعونة في القرآن.
قال: هي شجرة الزقوم