PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Invalid argument supplied for foreach() in ..../includes/class_postbit_alt.php(474) : eval()'d code on line 94

PHP Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at ..../includes/class_core.php:3735) in ..../external.php on line 865

PHP Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at ..../includes/class_core.php:3735) in ..../external.php on line 865

PHP Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at ..../includes/class_core.php:3735) in ..../external.php on line 865

PHP Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at ..../includes/class_core.php:3735) in ..../external.php on line 865

PHP Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at ..../includes/class_core.php:3735) in ..../external.php on line 865
منتديات غيمة عطر - عطر الرسول و الصحابة الكرام https://www.g-3e6r.com/vb/ قسم خاص لحبيبنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام واصحابه الكرام ar Thu, 25 Apr 2024 08:10:47 GMT vBulletin 60 https://www.g-3e6r.com/vb/g-3e6r-2023/misc/rss.jpg منتديات غيمة عطر - عطر الرسول و الصحابة الكرام https://www.g-3e6r.com/vb/ أجزاء من النبوة https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21966&goto=newpost Thu, 25 Apr 2024 05:41:53 GMT عبد الله بن سرجس -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: ( السمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد، جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة ) (1) سمة أهل...
أجزاء من النبوة


عبد الله بن سرجس -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-:
( السمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد، جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة ) (1)

سمة أهل الخير، والتأني في تناول الأمور، والتوسط في السلوك بين الإفراط والتفريط .. كلها قيم ربيبة هذا الدين العظيم، ترعرعت في كنفه وكبرت بين أحضانه لتقول للبشرية كافة أن الإسلام هو القيم والقيم هي الإسلام.
السمت الحسن: هو حسن الهيئة والمنظر، وأصل السمت الطريق ثم استعير للزي الحسن والهيئة المثلى في الملبس وغيره من السيرة المرضية والطريقة المستحسنة، وفي الفائق: السمت أخذ المنهج ولزوم المحجة. وفي رواية لهذا الحديث: ( إن الهدي الصالح ) (2) بفتح الهاء: السيرة السرية (3)
قال تعالى: { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا، ولباس التقوى ذلك خير، ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون } [الأعراف:26] قال ابن عباس: ولباس التقوى: هو السمت الحسن في الوجه (4)
وقال تعالى: { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود } [الفتح:29] قال ابن كثير: قال ابن عباس -رضي الله عنه-: يعني السمت الحسن، وقال مجاهد وغير واحد يعني: الخشوع والتواضع، وقال ابن أبي حاتم عن منصور عن مجاهد: { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال: الخشوع، قلت ما كنت أراه إلا هذا الأثر في الوجه، فقال: ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون، وقال السدي: الصلاة تحسن وجوههم، وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار، وقد أسنده ابن ماجة في سننه عن جابر -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ) (5) والصحيح أنه موقوف، وقال بعضهم: إن للحسنة نورا في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس. وقال أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه- ما أسر أحد سريرة، إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه، وفلتات لسانه. والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله تعالى أصلح الله عز وجل ظاهره للناس، كما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: من أصلح سريرته أصلح الله تعالى علانيته.
ثم قال ابن كثير: فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم، وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم، وقال مالك -رضي الله عنه-: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي الله عنهم الذين فتحوا الشام يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا، وصدقوا في ذلك فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة، ولهذا قال سبحانه وتعالى ههنا: { ذلك مثلهم في التوراة } ثم قال: { ومثلهم في الإنجيل } (6)
أما التؤدة: فهي التأني والتثبت وترك العجلة في جميع الأمور، فعن ابن عباس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأشج عبد القيس: ( إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة ) (7) قال النووي: الحلم هو العقل، والأناة هي التثبت وترك العجلة، وسبب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا إلى المدينة، بادروا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأقام الأشج عند رحالهم، فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقربه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأجلسه إلى جانبه، ثم قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( تبايعون على أنفسكم وقومكم ) فقال القوم: نعم، فقال الأشج: يا رسول الله، إنك لم تزاود الرجل عن شيء أشد عليه من دينه، نبايعك على أنفسنا، ونرسل إليهم من يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا ومن أبى قاتلناه. قال: ( صدقت إن فيك خصلتين...) الحديث، قال القاضي عياض: فالأناءة تربصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل، والحلم هذا القول الذي قاله الدال على صحة عقله وجودة نظره للعواقب (8)
أما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة ) (9) فقال المناوي: ( التؤدة في كل شيء خير ) أي مستحسن محمود ( إلا في عمل الآخرة ) فإنه غير محمود بل الحزم بذل الجهد فيه لتكثير القربات ورفع الدرجات، فإن في تأخير الخيرات آفات، وقال الطيبي: معناه أن الأمور الدنيوية لا يعلم أنها محمودة العواقب حتى يتعجل فيها أو مذمومة حتى يتأخر عنها بخلاف الأمور الأخروية لقوله سبحانه: { فاستبقوا الخيرات }[البقرة:148]، { سابقوا إلى مغفرة من ربكم } [الحديد:21]، كان البوشنجي في الخلاء فدعا خادمه فقال: انزع قميصي وأعطه فلاناً. فقال: هلا صبرت حتى تخرج. قال: خطر لي بذله ولا آمن على نفسي التغير (10)
والاقتصاد: هو سلوك القصد في الأمور والدخول فيها برفق على سبيل تمكن الدوام عليها، وقيل هو: التوسط في الأمور والأحوال والتحرز عن طرفي الإفراط والتفريط.
قال التوربشتي: الاقتصاد على ضربين أحدهم ما كان متوسطا بين محمود ومذموم، كالمتوسط بين الجور والعدل والبخل والجود، وهذا الضرب أريد بقوله تعالى: { ومنهم مقتصد } [فاطر:32]، والثاني محمود على الإطلاق، وذلك فيما له طرفان إفراط وتفريط كالجود فإنه بين الإسراف والبخل والشجاعة فإنها بين التهور والجبن، وهذا الذي في الحديث هو الاقتصاد المحمود على الإطلاق (11)
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ( جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة ) أي هذه الخصال من شمائل وأخلاق أهل النبوة وجزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بهم فيها، وتابعوهم عليها، إذ ليس معناه أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمع هذه الخلال صار فيه جزء من النبوة لأنها غير مكتسبة وإنما هي كرامة يخص بها من يشاء من عباده والله أعلم حيث يجعل رسالته، أو المراد أن هذه الخلال مما جاءت به النبوة ودعا إليها الأنبياء، أو أن من جمعها ألبسه اللّه لباس التقوى الذي ألبسه الأنبياء فكأنها جزء منها (12)
والحديث ورد أيضا بلفظ: ( إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة ) (13) وفي رواية أخرى: ‌( إن الهدي الصالح والسمت الصالح جزء من سبعين جزءا من النبوة ) (14), ورواه المقدسي في الأحاديث المختارة عن أنس بلفظ: ( السمت الحسن جزء من خمسة وسبعين جزءا من النبوة ) (15) فالمراد بالعدد المذكور التكثير لا التحديد، على أنه يمكن الاختلاف بحسب الكمية والكيفية الحاصلة في المتصف به أفاده المباركفوري (1
الموضوع الأصلي : أجزاء من النبوة     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : عذبة المعاني

H[.hx lk hgkf,m

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام عذبة المعاني https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21966
هذا نبينا صلى الله عليه وسلم https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21965&goto=newpost Thu, 25 Apr 2024 05:36:07 GMT بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره ...


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

وأصلى وأسلم على من بعثه ربه رحمةً للعالمين ومناراً للسالكين وحجةً على العباد أجمعين، فاللهم صلِّ عليه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.

أمّا بعد:

فكلكم يعرف ما يتعرض له مقام النبي ﷺ الشريف بين الفينة والأخرى؛ خصوصاً مع ظهور وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مؤخراً، وللأسف الشديد أن بعضهم من بني جلدتنا فتجده يتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً، وربما كانت عليه وبالاً في الدنيا والآخرة، لن أطيل في هذه المقدمة، وإنما سأقتصر في الكلام هنا على محورين أساسيين:

المحور الأول سيكون عن: صور من عفو النبي ﷺ وحلمه.

والثاني: مقارنة يسيرة عن أعداد المقتولين على مدى عشر سنوات من غزوات وسرايا النبي ﷺ وفيها بعض الإحصائيات.

المحور الأول:
(صور من عفو النبي ﷺ وحلم)

أ- ذهب النبي ﷺ إلى الطائف يدعو الناس إلي الإسلام؛ بعدما كذبه قومه وسفّهوه وعذبوا أصحابه وطاردوهم، ولاقى منهم أصناف الأذى فعزم على الذهاب إلى الطائف فقابله أهلها بالسب والتسفيه والحجارة حتى ابتل ﷺ وغشي عليه، ومع ذلك يقول له ملك الجبال لو أمرتني أطبق عليهم الأخشبين قال: لا أريد هلاكهم فإنهم لو لم يؤمنوا أرجو أن يؤمن أولادهم.

ب- عندما كسر الكفار رباعيته ﷺ في غزوة أحد وشجوا وجهه وجرحوا رأسه حتى إنه وقع في حفرة، فقال الصحابة: لو دعوت عليهم، فقال: إني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة. اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.

جـ – وهذا موقف عظيم ينبئ عن كريم أخلاقه ﷺ، كيف لا ؟ وقد قال الله ﷻ عنه: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾، ‹‹نام النبي ﷺ تحت شجرة وحده، وسيفه معلق فجاء غورت بن الحراث، فأخذ السيف وقال: من يمنعك مني ؟ فقال النبي ﷺ: الله، فسقط السيف من يده فأخذه النبي ﷺ، وقال: من يمنعك مني ؟ قال كن خير آخذ، فتركه وعفا عنه، فجاء إلى قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس››[1].

د- ‹‹عندما تعرض هبار بن الأسود لزينب بنت رسول الله ﷺ حين هاجرت فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها ففر ثم جاء إلى النبي ﷺ طالباً عفوه، فعفا عنه››[2].
ما قـال لا قـط ْ إلا فـي تشهده
لولا التشهـّد كانـت لاءه نـعمُ
عـمَّ البريـة بالاحسـان فانقشعت
عنها الغياهب والامـلاق والعـدمُ
اذا رأتـه قريـش قـال قائلهـا
الى مكارم هذا ينتهـي الكـرمُ


ولن أطيل عليكم، فالقصد من إيراد مثل المواقف الكثيرة ليس حصرها وبيان كل منها وإلا لطال بنا المقام، ولا أظنه ينتهى، ولكن هي شواهد حية، لابد أن نعيشها ونتدبرها ونعلمها ونتعلمها ونجعلها نبراس حياتنا، وسأختم هذا المبحث بحادثة لعل بعضا منا يعرفها، لكن وأنت تقرأ هذه الأسطر القادمة لا أريد منك أيها القارئ الكريم إلا أن تتأمل معي حال النبي وأصحابه قبل الهجرة عندما كانوا يُعذبون في طرقات مكة وساحاتها تذكر حال بلال حين يؤخذ في عز الظهيرة ويسحب وتوضع الحجارة على ظهره، تأمل حال عمار حين فُعل به ما فُعل، تذكر حال الطاهرة سمية الذي طعنها المجرم فحازت قصب السبق فكانت أول شهيدة، وتذكر حال أبي ذر الغفاري عندما صدع بإسلامه فانهال عليه المشركون ضرباً وقذفاً بالحجارة وتذكر حال خباب عندما كانوا يوقدون له الجمر فيُجلس عليه وكان يقول لم يطفأ الجمر إلا ودك ظهري[3] وغيرهم كثير، أرجو أن تكون مستحضراً لهذه الصور وأنت تقرأ هذه الأسطر القليلة.

* كانت آخر حرب للنبي ﷺ مع قريش هي التي انتهت بفتح مكة المكرمة للإسلام والمسلمين، وهنا يلتقي النبي ﷺ مع من آذوه، وأعنتوا أصحابه، وساموهم سوء العذاب، ومنهم من مات من شدة التعذيب، وقد هموا بقتله ﷺ، ولكنهم كانوا يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

التقى النبي ﷺ بهم، وبكبيرهم أبى سفيان، فنشر ﷺ -وهو الغالب والمسيطر- راية الأمان عليهم، فنادى مناديه ﷺ: «من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن»، فهكذا كان انتصار النبي ﷺ الرفيق الرؤوف الرحيم؛ نشراً للأمان في ربوع مكة المكرمة حول بيت الله الحرام.[4]

ولما التقى بالملأ من قريش قال لهم: «ما تظنون أنى فاعل بكم ؟! قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال لهم: أقول ما قاله أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء».

أيها المؤرخون:

ائتوني بحرب تنتهي بهذه السماحة ! ألا ما أجمل العفو عند المقدرة ! وما أعظم النفوس التي تسمو على الأحقاد وعلى الانتقام ! بل تسمو على أن تقابل السيئة بالسيئة، ولكن تعفو وتصفح، والعفو عمَّن ؟ عن قوم طالما عذبوه وأصحابه، وهموا بقتله مرارا، وأخرجوه وأتباعه من ديارهم وأهليهم وأموالهم، ولم ينفكّوا عن محاربته والكيد له بعد الهجرة !

إن غاية ما يرجى من نفس بشرية كانت مظلومة فانتصرت أن تقتص من غير إسراف في إراقة الدماء، ولكنه النبي ﷺ ! والنبوة من خصائصها كبح النفس ومغالبة الهوى، والعفو والتسامح، أليس من صفاته التي بشّرت بها التوراة أنه ليس بفظّ ولا غليظ، ولا سخّاب في الأسواق، ولا يقابل السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ؟! لقد ضرب النبي ﷺ بعفوه عن أهل مكة للدنيا كلها وللأجيال المتعاقبة مثلا في البر والرحمة، والعدل والوفاء وسمو النفس لم ولن تعرفه الدنيا في تاريخها الطويل.

ارجع بذاكرتك قليلا إلى ما فعله الغالبون بالمغلوبين في الحربين العالميتين في قرننا هذا: قرن الحضارة كما يقولون، كم هلك من الحرث والنسل ملايين البشر, لتعلم علم اليقين فرق ما بين النبوة وغير النبوة، والإسلام وغير الإسلام.

لاتعتقد أن الأمر سهل فسنوات طوال من العذاب قتل فيها أقرباؤه وأعز الناس إليه، ومنهم من بقيت آثار التعذيب على جسده إلى أن مات، لا والله إن الأمر ليس بالهين، ولكنها النفس النبوية النفس الزكية الطاهرة !

من يقوى على ما قويت عليه يا رسول الله ! ولكن صدق ربي ﷻ إذ قال ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾، ثم يأتي اليوم من ينتقص من مقامك الشريف وأمام ملايين البشر بحجج واهية أوهى من بيت العنكبوت وأباطيل

يا ترى ألم يقرأ هذا المنتقص من مقامك: ﴿إن هو إلا وحي يوحى﴾

ألم يعلم أنك مسدد بوحي من السماء ألم تكن الأرض متصلة بالسماء ثلاث وعشرين سنة

ألم يقرأ شهادة أعدائك لك قبل البعثة ألم يعرف أنهم أطلقوا عليك الصادق الأمين…

لعلي أكتفى بما سبق من الأحداث والعبر ولو أرخيت العنان للقلم لطال بنا المقام ولكن تعالوا معي لنرى مقارنة يسيرة جداً تُبين لنا حرص هذا النبي الكريم ﷺ حتى على أعدائه.

المحور الثاني:
مقارنة يسيرة عن أعداد المقتولين على مدى عشر سنوات من غزوات وسرايا النبي ﷺ وفيها بعض الاحصائيات:

* ذكر أهل العلم عدد غزوات النبي ﷺ فقالوا خمس وعشرين غزوة وسبعين سرية، هذه الغزوات والسرايا التي شارك فيها حتى أورد الحافظ في الفتح في آخر كتاب المغازي الخلاف، ثم رجح أنه أكثر من مائة غزوة وسرية، وساق الأدلة والبراهين على ذلك، وليس المقام مقام بسط، المطلوب أن نعرف عددها، وهي أكثر من مائة غزوة وسرية على مدى عشر سنوات والسؤال الذي يفرض نفسه: كم قتل النبي ﷺ بيده الشريفة في هذه الغزوات والسرايا المائة، التي لم تقم بعضها إلا من أجل قتله وقتاله ﷺ ربما ستندهش -أيها القارئ الكريم- بالرقم الصعب: (واحد)

نعم رجل واحد فقط، ولم يرد النبي ﷺ قتله، أيضا بل هو من تعرّض للنبي ﷺ، ويصيح بالناس في المعركة في أحد لما انكشف المسلمون يوم أحد، قام أبي بن خلف وهو يصيح بأعلى صوته شاهراً سلاحه يقول أين محمد ؟ لا نجوت إن نجا، فاستأذن أصحاب النبي رسول الله ﷺ في أن يخر عليه أحدهم فيقتله، فقال: دعوه، فلما دنا تناول رسول الله ﷺ الحربة فطعنه بيده الشريفة فكانت سبب موته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ‹‹والنبي ﷺ كان أكمل الناس في هذه الشجاعة؛ التي هي المقصودة في أئمة الحرب، ولم يقتل بيده إلا أبي بن خلف قتله يوم أحد، ولم يقتل بيده أحدا لا قبلها ولا بعدها››.

* وتعالوا لنعرف عدد القتلى في غزوات النبي وسراياه من المسلمين والمشركين،فقد أثبت بعضهم أن العدد يتراوح من (625) إلى (1018) قتيل كأقصى حد متصور من كلا الطرفين.

وبعضهم يرى أن عدد القتلى من المسلمين (236) رجل قتلوا في معارك على مدار عشر سنوات، وأما عدد المشركين (625) ليصبح مجموع العددين (861 ).[5]

* الثابت أنه لم توجد امرأة مقتولة في معارك النبي ﷺ إلا واحدة، وهي التي كانت في حنين، ولها قصة ليس هذا وقت بيانها.

* لم تقع أي حالة اغتصاب في كل معارك النبي ﷺ.

* لم يعهد قتل أي شيخ كبير في معارك النبي ﷺ إلا دريد بن الصمة؛ الذي شارك في غزوة حنين، وكان الخبير العسكري لجيش المشركين، حيث كانوا يصدرون عن رأيه، وقد قتلته إحدى سرايا النبي ﷺ عند ملاحقتها لفلول الفارين، فعلم النبي ﷺ بمقتله، ولم ينكر ذلك؛ لأنّه بمثابة المخطط والمدبر لهم.

* عدد حالات الغلول أو النهب من المال العام لم تتجاوز عدد قبضة اليد في كل معارك النبي ﷺ، وهذه الحالات تم رصدها ومعاقبة مرتكبيها.[6]

* إذن فمجمل الخسائر في الأرواح على مدى العشر سنوات كان في أقصى حدودها ألف وخمسمائة مقاتل من فريقي النزاع، وقياساً مع عصرنا الذي تزخر فيه المنظمات الدولية الداعية لأخلاقيات الحرب وحقوق المدنيين ومنظمات الحياد المسلح وحقوق الإنسان، نجد أن كل قتلى العهد النبوي لا يساوي قتلى أسبوع من أسابيع دولة فلسطين من المدنيين فضلاً عن المقاتلين، بل أحياناً لا تساوي قتلى قنبلة واحدة من تلك القنابل التي تزن الأطنان التي تلقى في فلسطين أو غيرها.

* إن الإحصائيات السابقة تشير صراحة إلى أن الجيش على هدى النبوة يخضع لتعاليم السماء؛ التي مُلئت نوراً وقداسةً، ولا يخضع لنصوص قانونية سرعان ما تتحول لسراب عندما تصادم الواقع، وهناك فرق بين التنظير وبين حقيقة الواقع، ومن هذا الوجه يمكن القول أنه لم توجد حروب في كل التاريخ البشري كانت بهذا الحجم القليل من الخسائر على مستوى الأرواح أو على مستوى الممتلكات، ومن يدعي غير ذلك فيأت بأثارة من علم إن كان من الصادقين.

* قلة الخسائر تشير إلى أن هناك مبادئ مقدسة كان يخضع لها الجيش، وقانوناً عادلا يحكمها يختزله الغزالي بقوله : «إن مقصود الشرع تقليل القتل، كما يقصد حسم سبيله عند الإمكان، فإن لم نقدر على الحسم قدرنا على التقليل».

هذا ما أحببت بيانه؛ لنستبين هدي النبي ﷺ مما قد يلتبس به، وهو ليس منه، وفي الحديث الصحيح في افتراق الأمة حين سألوا عن أي الفرق أصوب قال ﷺ: (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) أخرجه الترمذي وغيره.

ثم يأتي اليوم من ينسب تعاليم هذا الدين العظيم الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ومن تبعهم بإحسان أحسن بيان؛ ينسب هذا التراث العظيم لطائفة مارقة تزعم أنها هي الطائفة الوحيدة في العالم التي تقوم بأوامر هذا الدين على أكمل وجه كذبوا والله بل هي أبعد ما تكون اليوم عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.[7]

ألا فلتُكف ألسنتكم ولتجف أقلامكم…


----------------------------------------
[1] رحمة للعالمين (ص: 245).
[2] زاد المعاد (3/ 411).
[3] أي شحم ظهري.
[4] خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم (2/ 522).
[5] بعض هذه الإحصائيات أقتبستها من كتاب أخلاقيات الحروب في السيرة النبوية للدكتور: حميد الصغير وساق الأدلة على صحة هذه الأرقام فمن أراد التوسع فليرجع إليه صــ33 ويذهب الدكتور راغب السرجاني إلى قريب من هذا العدد, ولم أكتفي بهذا الإقتباس, وإنما بحثت عنها وددقت فيها فوجدت عامتها صحيح مقبول عند أهل العلم.
[7] من أراد التوسع في بيان حال هذه الطائفة المارقة فلينظر إلى ما كتبه الشيخ إبراهيم السكران وبعضها متوفر على الشبكة العنكبوتية فقد بيـّن حالهم أحسن بيان وطبق ما يتغنى به بعضهم بقولهم اسمعوا منّا ولا تسمعوا عنّا فذهب إلى خطاباتهم الرسمية فدقق فيها وحللها فكشف عوارهم من كلامهم فعليك بها فإنها تروي الغليل وتشفي العليل لمن كان له أدنى بصيرة.

الموضوع الأصلي : هذا نبينا صلى الله عليه وسلم     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : عذبة المعاني

i`h kfdkh wgn hggi ugdi ,sgl

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام عذبة المعاني https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21965
حديث «بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21964&goto=newpost Thu, 25 Apr 2024 05:29:43 GMT
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

ففي باب "الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقة بالله تعالى" ختم المصنف -رحمه الله- هذا الباب بهذا الحديث العظيم الذي يرويه أبو هريرة ، عن النبي ﷺ، وقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه:

عن أبي هريرة  قال ﷺ: بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة اسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحابُ فأفرغ ماءه في حَرّة فإذا شَرْجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحوّل الماء بمِسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان بالاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لمَ تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ فقال: أمَا إذ قلتَ هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأرد فيها ثلثه[1]، رواه مسلم.
بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض، الفلاة من الأرض هي الأرض التي لا ماء فيها، فسمع صوتاً في سحابة اسقِ حديقة فلان، سمع صوتاً في سحابة، صح عن النبي ﷺ: أن الرعد ملك من الملائكة البرق سوطه والرعد صوته، فالسحاب قد وكل الله  به ملائكة يسوقونه حيث شاء الله -تبارك وتعالى، اسقِ حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حَرّة، الحَرّة هي الأرض التي تكسوها حجارة سوداء، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، يعني: الحَرّة يكون فيها مسايل للماء فأحد هذه المسايل استوعب هذا الماء الذي نزل على الحرة فاجتمع في هذا المسيل، فتتبع الماءَ يعني: هذا الرجل جلس يتتبع الماء يريد أن ينظر اسق حديقة فلان باسمه من هو، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته، والحديقة هي المزرعة -البستان- قيل لها: حديقة؛ لأن هذا الإطلاق في الأصل يقال للمزرعة أو البستان المسور الذي عليه سور فهذا السور أحدقَ به من كل جانب فقيل لها حديقة؛ لأن سورها محدق بها، ثم صار بعد ذلك تقال الحديقة لكل مزرعة أو بستان حتى لو ما عليها سور، وأمّا في عرف الناس اليوم فإنهم يطلقون الحديقة غالباً على المتنزه، يعني: ليس البستان الذي فيه الثمر أو المزرعة كما نقول، وإنما المتنزه، المكان الذي فيه خضرة، وفيه زهور ونحو ذلك، وأشجار حتى غير مثمرة يقولون له: حديقة، لكن هذا أصل معنى الحديقة أو أصل الإطلاق، فإذا رجل قائم في حديقته يحوّل الماء بمسحاته، وصله الماء الذي في تلك الحَرّة من ذلك الشراج، يعني: المسيل، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟، هو الآن الذي سمع هذا الصوت بالسحاب وتتبع الماء حتى وصل إلى حديقة هذا، ووجد هذا الإنسان ما يعرف اسمه قال له: يا عبد الله ما اسمك؟ وهذا هو اللائق من الإنسان الذي لا نعرف اسمه أن نقول له ذلك: يا عبد الله؛ لأن هذا يصدق عليه سواء كان مسلماً أو كان كافراً؛ لأن العبودية عبودية قهر وعبودية اختيار، عبودية القهر إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [مريم:93]، فالكل عبيد الله  في هذا الكون حتى الكفار لا يخرجون عن عبودية القهر، هم عبيد لمن؟ هم عبيد لله  شاءوا أم أبوا، فيمكن أن تقول له: يا عبد الله إذا ما تعرف اسمه، ويمكن إذا كان مسلماً أن تقول: يا أخي، والله  لما حرم التبني، وكان الواحد ينسب إلى من تبناه، فلان بن فلان، زيد بن محمد، قال: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:5]، أعدل، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ، تقول: يا أخي، وإذا كان مملوكًا وأنت أعتقته تقول: يا مولاي، فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ، طيب هذا ليس بمملوك لك -معتَق- ممكن تقول: يا أخي إذا كان مسلماً، أو تقول: يا عبد الله، وهذا أحسن مما شاع عند الناس وذاع اليوم يقولون: يا محمد، لاسيما للأعاجم يقولون لهم: يا محمد، وأصل هذا فيما يبدو أن الناس كانوا يقولون للأعجمي: يا صديق، يا رفيق؛ لأنه يحب ذلك، سابقاً، ثم ابتُذلت هذه العبارات صارت مبتذلة حتى صار أولئك يأنفون منها، بل لربما يرون أن فيها شيئاً من الانتقاص، ولهذا إذا أرادوا أن يكنّوا عن شخص بشيء من الانتقاص قالوا: هذا رفيق، هذا صديق، بمعنى أنه ليس بذاك، نزلوه منزلة هؤلاء الذين ينتقصونهم مع أن الفضل والتفاضل بين الناس إنما يكون بالتقوى، فقد يكون هذا الذي يحتقره أفضل وأكرم عند الله  منه.

فالشاهد أنها صارت مبتذلة وصار هؤلاء لربما يغضب بعضهم إذا قيل له ذلك، فصاروا يقولون: يا محمد لمن لا يعرفون اسمه؛ لأن هؤلاء يحبون اسم النبي ﷺ، ولهذا تجد في الأعاجم كثيرًا يسمون بالاسم الأول وحتى في بعض بلاد العرب محمد ثم يذكرون الاسم يقولون: محمد ناصر، محمد صالح، محمد حامد، هو الاسم حامد، صالح، ناصر، لكن الاسم الأول للتبرك، بل في بعض البلاد في غرب إفريقيا كل الأولاد اسمهم محمد لكن هذا محمد الأول، محمد الثاني، محمد الثالث، محمد الرابع، محمد الخامس، ورأينا من الطلاب الذين في الجامعة الإسلامية بهذه الأسماء، الأسرة كلها اسمها محمد لكن يميزونهم بالأول والثاني والثالث والرابع، فصار هذا يبتذل جدًّا اليوم وصار ذلك يقال للمسلم والكافر، وهذا غير صحيح.

فاسم النبي ﷺ ينبغي أن ينزه ويشرف ولا يبتذل هذا الابتذال، فإذا ما تعرف اسمه قل له: يا عبد الله، هو عبد لله ، يا عبد الله، فالشاهد أنه قال: يا عبد الله، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟، ماذا تصنع بهذه المزرعة؟ فقال: أمَا إذ قلتَ هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها، يعني: المحصول، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، والعيال يشمل من يعولهم من زوجة وولد وخادم، قال: وأردّ فيها ثلثه، يعني: يزرع الثلث، انظروا هذا العمل الآن أوصله إلى هذه الحال يسمع صوتاً في السحاب اسقِ حديقة فلان، يسوق الله  له الرزق، ولهذا نحن لا نستغرب، أو نعرف ونسمع أحياناً أن سحابة جاءت وأمطرت في ناحية معينة، وباقي البلد ما جاءهم شيء، هذا موجود ونشاهده، ويتكرر، تنزل أمطار كثيرة على قرية، وما جاورها من القرى ما يأتيهم شيء، وهكذا أيضاً أحياناً تحترق، ومعروف هذا، تحترق أسواق بكاملها ويبقى دكان واحد ما يحترق ويُسأل صاحبه يقول: أنا أخرج الزكاة وهذا حصل مراراً، يقول: أنا أخرج الزكاة، وباقي المحلات كلها احترقت، فالله  يحفظ أولياءه ويسوق لهم من ألطافه، ومن أبواب الرزق يفتح لهم ما لا يخطر في بال، والأمور كلها بيد الله ، فالمُلك ملكه والخلق خلقه، وإذا أراد شيئاً فإنما يقول له: كن فيكون، فينبغي للإنسان أن يكون عنده يقين بأن الله  يعوضه عما خرج من يده في سبيل الله  من نفقة وبر ومعروف، وصلة، فهذا هو الذي ينمي المال ويكثره ويبارك للإنسان فيه، وكلما ازداد الإنسان إمساكاً وتقتيراً وشحًّا وإحصاءً للقليل والكثير كلما صار عيشه في ضيق ونكد، وتذهب من يديه الأموال لا يدري كيف ذهبت، وإذا نظرت ما ترى أشياء حققها، يعني: أين ذهبت هذه الأموال؟ ما ترى في البيت شيء، جاء شيء له حجم مثلاً أثاث أو اشتري أشياء ذات قيمة ونحو هذا، أين ذهبت هذه الأموال؟ أنت يا فلان راتبك خمسة عشر ألفًا ما نرى شيئًا في البيت؟ أين راح؟ نصف الشهر اختفى؟ إذا نزعت البركة ما يبقى شيء، وإذا وجدت البركة بقي كل شيء، فأقول: من أعظم أسباب البركة والنماء والخير أن الإنسان يبذل، يصل الرحم، يتعهد قراباته الذين يحتاجون من الفقراء والمساكين ومن حوله من الجيران، ويحب لإخوانه ما يحب لنفسه، لو كان هو مكانهم كيف يكون حاله، ولو بالشيء اليسير، والحديث الذي كان أمس من تصدق بعِدل تمرة أو بعَدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل، فالشاهد هذه أحاديث ثابتة صحيحة عن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

فنوقن بهذا، ونوقن بالعوض من الله ، فالله يدعونا إلى الإنفاق والبذل والصدقة والخير.

أسأل الله  أن يعيننا وإياكم على أنفسنا وأن يرزقنا وإياكم الثقة واليقين، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
الموضوع الأصلي : حديث «بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : عذبة المعاني

p]de «fdklh v[g dlad ftghm lk hgHvq

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام عذبة المعاني https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21964
إصرار الرسول على هداية الكفار.. أسباب ومواقف https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21923&goto=newpost Wed, 24 Apr 2024 03:58:08 GMT *بعد أن تحدثنا عن فترة الأذى والبطش التي مرت على المسلمين طوال العهد المكي من كل جوانبها، نأتي إلى نقطةٍ في غاية الدِّقَّة بخصوص هذه الفترة ...
بعد أن تحدثنا عن فترة الأذى والبطش التي مرت على المسلمين طوال العهد المكي من كل جوانبها، نأتي إلى نقطةٍ في غاية الدِّقَّة بخصوص هذه الفترة العصيبة من تاريخ الدعوة الإسلاميَّة!

فعلى الرغم من كلِّ ما شعر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من حزنٍ في هذه الفترة، وعلى الرغم من تكذيب المشركين وتعدِّيهم معنويًّا وجسديًّا على المسلمين، فإنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم ظلَّ محتفظًا برغبةٍ صادقةٍ عميقةٍ في دعوتهم إلى الخير، وفي هدايتهم للإسلام! وإنَّ بعضهم ليتخيَّل أنَّنا في مثل هذه الظروف قد تدفعنا الرغبة في شفاء الصدر إلى تمنِّي الشرِّ لهؤلاء المكذبين؛ حتى تُصبح الرغبة عند بعض المؤمنين أن يُخْتَم لهؤلاء المشركين الظالمين بخاتمة السوء، ولا يُوَفَّقون إلى توبةٍ أو إنابة!

ولكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على هذه الصورة قطُّ.

لقد ظلَّ يُحاول معهم بكل السبل على الرغم من سخافتهم واستهتارهم؛ بل ظلَّ حزينًا على عدم إيمانهم إلى الدرجة التي طلب الله عز وجل منه أن يُخَفِّف من وتيرة الحزن عليهم؛ حرصًا عليه من أن يُهلكه هذا الحزن!

قال تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ[1] نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ [الكهف: 6]. وقال -أيضًا-: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: 3]. بل إنَّه قال: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ [فاطر: 8].

إنَّنا نُطالع في هذه الآيات درجةً عجيبةً من درجات الحزن النبوي على المشركين والكافرين! إنَّه لا يحزن هنا على ولدٍ حبيب، ولا على صديقٍ حميم؛ إنَّما يحزن على مجموعةٍ من قساة القلوب، غلاظ الأنفس، عنيفي الطباع، عذَّبوا أصحابه وقتلوهم؛ بل عذَّبوه هو نفسه وحاولوا قتله!

إنَّ هذا لموقفٌ يحتاج إلى تدبُّر!

إنَّ الذي دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه المشاعر أمور نحتاج أن نتعلَّمها؛ حتى يمكن لنا يومًا من الأيام أن نُمارسها..

من هذه الأمور فهمه صلى الله عليه وسلم لطبيعة مهمَّته؛ فهو يعلم أن عليه أن يصل بالدعوة إلى الناس؛ قال تعالى: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ [المائدة: 99]، فلا بُدَّ أن «يُبَلِّغ» رسالة ربِّه بكل ما أُوتي من قوَّة وعاطفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخشى أن تكون الرسالة قد وصلت بشكلٍ غير تامٍّ لأحد الناس، أو سمع عنها بشكلٍ مشوَّه، أو منعه مانعٌ من استيعاب كلامه صلى الله عليه وسلم، فكان يُكَرِّر البلاغ، ويُعيد توصيل المعنى، مرَّات ومرَّات، لعلَّه في النهاية يصل إلى قلب السامع فيُؤمن ويهتدي؛ ومن هنا فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على التأكُّد من أن رسالته قد بُلِّغت واضحة؛ فكان كثيرًا ما يقول للناس: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟» فإذا قالوا: نعم. قال: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ»[2].

وكان يقول: «فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ»[3]. فهذا الحرص على أداء المهمَّة الموكلة إليه كان دافعًا له لأن يتغاضى عن الإيذاء الذي يصل إليه من المشركين، ويستمرَّ في محاولة توصيل الرسالة لهم غير عابئ بشدَّة إعراضهم عنه، ولو تعلَّمنا هذا الحرص منه صلى الله عليه وسلم، وأدركنا أن مهمَّتنا أن نُحسن تبليغ الرسالة لا أن نُقيم الأحكام على الناس، لتغيَّرت طريقتنا في الدعوة، ولوصلنا إلى أعداد أكبر من الناس بفضل هذه الطريقة النبوية الفريدة.

ومن الأمور -أيضًا- التي جعلته صلى الله عليه وسلم قادرًا على إكمال مهمَّته على الرغم من تكذيب المعاندين، أنَّه كان يعرف أنَّ القلوب لها مفاتيحٌ مختلفة؛ فما جعل هذا القلب يتأثَّر قد لا ينفع مع قلبٍ آخر، فهذا يأتي عن طريق الإقناع العقلي، وهذا يستجيب للتأثير القلبي، وثالثٌ بطريقة العرض، ورابعٌ بالمحتوى الأخلاقي في الرسالة.. وهكذا؛ لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاول مرَّات ومرَّات، لعلَّه يوافق المفتاح المناسب لكل قلب.

ومن هذه الأمور كذلك أنَّه صلى الله عليه وسلم يعلم تمامًا قيمة الجنَّة، ويعلم كذلك بشاعة النار، وقد خشي أن يكون المكذِّبون لم يُدركوا ذلك على وجه الحقيقة، وإلا لما استمرءوا التكذيب؛ لأنَّ العاقبة وخيمة جدًّا؛ لذلك كان يُعيد تذكيرهم خوفًا عليهم من المصير الذي لا يتخيَّلون حجمه، فلو كان الأمر هو حرمان من الجنَّة فقط لكان الأمر عسيرًا حقًّا، والخسارة كبيرة فعلًا، فكيف بالدخول في النار، وكيف بالتأبيد فيها؟! وهذا الذي كان يدفعه إلى استمرار العمل دون كلل ولا ملل.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسِّرًا هذه النقطة لنا، وموضِّحًا لماذا يُكافح كل هذا الكفاح مع هؤلاء المعاندين: «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ يَنْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا، فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فِيهَا»[4].

ومن الأمور كذلك التي جعلته يُكمل طريق دعوته بالحماسة نفسها مع قوم آذَوْهُ هذا الإيذاء أنه جُبِل على رحمة فطرية زائدة للغاية، وأنا أرى أنَّ هذه الرحمة من دلائل نبوَّته صلى الله عليه وسلم؛ لأنها ليست الرحمة الطبيعية الموجودة عند أرحم الناس، فلم يكن في قلبه ذرَّة حقد، ولم يظهر في سلوكه أيُّ نوع من الرغبة في التشفِّي، وكانت أخلاقه -خاصَّة الرحمة- آية من آيات الله، خاصَّة إذا وضعنا في حساباتنا البيئة الغليظة التي عاش فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطباع أهل الصحراء والبادية؛ فهذا كلُّه سيجعل مَنْ يرى هذه الأخلاق يُدرك أنه يتعامل مع نبيٍّ، وليس مجرَّد رجل حليم رحيم، ويُؤَيِّد هذا المعنى قوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: 159]، فجعل الرحمة التي في قلبه صلى الله عليه وسلم من الله تعالى؛ مما يُعطي الانطباع الواضح أنها ليست كرحمة عامَّة الناس، كما كان اليهود يعرفون مِنْ كتبهم هذه الصفة تحديدًا، ولقد اختبر هذه الصفة فيه زيد بن سَعْنَة رضي الله عنه -وكان أحد أحبار اليهود قبل إسلامه كما سنشرح بالتفصيل في مرحلة المدينة إن شاء الله- فقال عن هذه الرحمة: «يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا تَزِيدُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا»[5]. فكانت هذه إحدى دلائل نبوَّته صلى الله عليه وسلم؛ لذلك نجده يصبر على ما لا نصبر عليه من قسوة الناس، ونراه يُدَاوم على دعوته حتى مع أشدِّ الناس جفوة.

ولقد أفرزت هذه الهمَّة العالية في دعوة المشركين المعاندين مواقف عجيبة، قد نستغربها إذا لم نضعها في هذا الإطار الذي شرحناه..

فمن هذه المواقف مثلًا دعوته بالهداية لرجلين من المكذِّبين له، والرافضين لدعوته، حتى بعد مرور نحو ست سنوات كاملة من الشرح والتوضيح لأمر الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: بِأَبِي جَهْلٍ، أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَكَانَ أَحَبُّهُمَا إِلَى اللهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ»[6].

إننا إن كنا نجد في دعوته لعمر بن الخطاب رضي الله عنه -قبل أن يُسْلم- أمرًا طبيعيًّا لما كان يرى فيه من عوامل القوَّة والنبل والشهامة ما يجعله يتمنَّى أن يكون من المسلمين؛ فإننا نستغرب جدًّا دعوته بالهداية لأبي جهل! وذلك لأن هذه الدعوة كانت -كما ذكرنا- تقريبًا في آخر السنوات الست الأولى من البعثة؛ لأن عمر أَسْلَم بعدها مباشرة كما سيتبيَّن لنا، ومعنى هذا أنَّ هذه الدعوة جاءت بعد مقتل سمية وياسر رضي الله عنهما، وجاءت بعد مراحل التكذيب والإعراض الشرسة التي قام بها أبو جهل، وجاءت بعد قيادة أبي جهل لمعسكر الكفر ضدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وجاءت بعد أن حثا أبو جهل التراب على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق مكة كما مرَّ بنا، ومعنى هذا أن المسألة تعدَّت كونها حربًا بين منهجين إلى كونها نزاعًا شخصيًّا في اعتبارات الكثيرين؛ ومع ذلك، ومع كل هذا التاريخ، فإن رسول الله لم يُحَوِّل المسألة قطُّ إلى نزاع شخصي، وما كان ينظر مطلقًا إلى ما يُصيبه في جسده أو عرضه أو ماله، وما فكَّر في حياته في الانتقام لنفسه؛ تقول عائشة رضي الله عنها: «وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ قَطُّ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلهِ»[7].

هذا كله جعله يرفع يده إلى السماء مخلصًا ليدعو بالهداية لأبي جهل؛ وذلك مع أنَّ الذي يتبادر إلى أذهان معظمنا أنه سيرفع يده إلى السماء ليسأل الله الانتقام منه، وليشفي صدور المؤمنين برؤيته في مصيبة أو أزمة؛ ولكن هذا لم يحدث، ولن يحدث في الفترة القادمة كذلك؛ اللهم في موقف واحد سيأتي لاحقًا؛ حين يُعْلِمُه ربُّه سبحانه وتعالى أنه من المهلَكين على الكفر، أمَّا قبل ذلك فهو يدعو له بكامل الإخلاص أن يستنقذه الله من الكفر إلى الإيمان، وأن يجعل مصيره -بعد الإيمان- إلى الجنَّة لا إلى النار.

هذا الموقف العجيب لن يُفْهَم إلَّا في ضوء ما ذكرناه من الأمور التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الصورة من الرغبة في هداية الناس..

وموقف آخر لعلَّه حدث في الفترة نفسها، وخلَّده القرآن الكريم بالذكر، وهو موقف انشغال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوة أكابر المشركين عن سؤال عبد الله ابن أم مكتوم رضي الله عنه له؛ والذي بسببه نزل صدر سورة عبس!

تقول عائشة رضي الله عنها: أُنْزِلَ: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: 1] فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرْشِدْنِي. وَعِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ المُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الآخَرِ، وَيَقُولُ: «أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا؟» فَيَقُولُ: لَا. فَفِي هَذَا أُنْزِلَ[8].

في هذا الموقف يجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيصال دعوته إلى قادة الكفر وزعمائه، فيأتيه عبد الله ابن أم مكتوم رضي الله عنه ليسأل عن مسألة في الدين، فيُعْرِض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُقْبِل على سادة المشركين ليشرح أمور الدعوة والدين، ولقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعله عبد الله ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وظهرت هذه الكراهية على وجهه، وهو ما عبَّر الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: «عبس»؛ خاصَّة أنه صلى الله عليه وسلم كان يرى تجاوبًا نسبيًّا من المستمعين له؛ حيث كان يسأل كل واحد منهم: «أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا؟» فيردُّ عليه أن: لا. وهذا يعني غياب الحجَّة عندهم في رفض ما يقوله صلى الله عليه وسلم؛ ومن ثَمَّ فهناك احتمال لاستجابتهم.. هذا كله دفعه صلى الله عليه وسلم لأن يُعرِض عن عبد الله ابن أم مكتوم رضي الله عنه، هذا الإعراض الذي لم يره الصحابي الجليل؛ حيث إنه أعمى، ومع ذلك فقد لام اللهُ عز وجل نبيَّه على ذلك؛ لأنه قام بخلاف الأولى؛ فالأولى في هذا الموقف هو الاهتمام بالمؤمنين وإكبارهم، وعدم التصدِّي للمشركين المستغنين عن الإسلام، ومع ذلك فقد شرحنا وجهة نظره صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نلتمس عذرًا فيما أخبرنا الله عز وجل أنه خلاف الأولى؛ ولكن نُوَضِّح الخلفيات التي من أجلها فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفعل، وهو في النهاية فعل مقبول من عامَّة المؤمنين؛ لكن لكون مقامه صلى الله عليه وسلم رفيعًا جدًّا فقد أنزل الله عز وجل هذا العتاب له.. قال تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ﴾ [عبس: 1-11].

إنَّ اهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوته، وحرصه على المشركين في هذه الأجواء؛ ليجعل كلَّ ذي لبٍّ يُفَكِّر في نبوَّة هذا الرجل العظيم، فليست القضيَّة مجرَّد أخلاق حميدة؛ إنَّما هي أخلاق النبوَّة، التي لا يقدر عليها من عامَّة البشر أحد!

[1] باخعٌ: أي مهلكٌ نفسك أو قاتلها بحزنك عليهم. البغوي: معالم التنزيل في تفسير القرآن 3/172، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم، 5/137، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن 10/348.

[2] البخاري: كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»، (6667)، عن أبي بكرة رضي الله عنه، ومسلم: كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال، (1679). وفي رواية للبخاري: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثَلَاثًا.

[3] الحديث السابق نفسه.

[4] البخاري: كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي (6118) عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم: كتاب الفضائل، باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته (2284).

[5] ابن حبان (288)، والحاكم (6547)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والطبراني: المعجم الكبير، (5154)، وقال الهيثمي: رواه الطبراني، ورجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 8/240.

[6] الترمذي: كتاب المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب (3681)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وأحمد (5696)، والحاكم: (4485) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وقال الألباني: حسن صحيح. انظر: مشكاة المصابيح (6036).

[7] البخاري: كتاب الأدب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا"، (5775)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره من المباح أسهله، (2327).

[8] الترمذي: كتاب تفسير القرآن، سورة عبس (3331)، وابن حبان (535)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأبو يعلى (4848)، قال حسين سليم أسد: إسناده صحيح. والحاكم (3896)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، انظر: التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان 2/33.

د.راغب السرجاني
الموضوع الأصلي : إصرار الرسول على هداية الكفار.. أسباب ومواقف     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

Ywvhv hgvs,g ugn i]hdm hg;thv>> Hsfhf ,l,hrt

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21923
المفاضلة بين أعمال الصحابة وأعمال أهل آخر الزمان https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21922&goto=newpost Wed, 24 Apr 2024 03:53:43 GMT قرأت في صحيح الجامع حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة أن أقواماً من المسلمين في زمن ضعف الدين يكون أجر العامل منهم أجر خمسين من ...

قرأت في صحيح الجامع حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة أن أقواماً من المسلمين في زمن ضعف الدين يكون أجر العامل منهم أجر خمسين من الصحابة. وسبب حيرتي هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم : خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم . وقال أيضاً : لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ ذلك مد أحد الصحابة أو نصيفه. حخنمو مو الحمد لله

لفهم المسألة لا بد من العلم بأن الأجر أجران أجر العلم وأجر الصحبة فقد يعمل بعض المتأخرين من الأمة أعمالاً أجرها أكبر من أجر من عمل مثلها من بعض الصحابة لقلى الناصر وضعف المعين والفتنة والبلاء ولكنهم لا يبلغون أجر صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ولقائه .
قال الحافظ ابن حجر :

حديث " للعامل منهم أجر خمسين منكم " : لا يدل على أفضلية غير الصحابة على الصحابة لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية .
وأيضاً : فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل ، فأما ما فاز به مَن شاهد النبي صلى الله عليه وسلم مِن زيادة فضيلة المشاهدة فلا يعدله فيها أحد .
فبهذه الطريق يمكن تأويل الأحاديث المتقدمة . " فتح الباري " ( 7 / 7 )
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :

وقد يكون لهم – أي : للمتأخرين - من الحسنات ما يكون للعامل منهم – أي : من الصحابة - أجر خمسين رجلاً يعملها في ذلك الزمان ؛ لأنهم كانوا يجدون من يعينهم على ذلك ، وهؤلاء المتأخرون لم يجدوا مَن يعينهم على ذلك لكن تضعيف الأجر لهم في أمور لم يضعف للصحابة لا يلزم أن يكونوا أفضل من الصحابة ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة فإن الذي سبق إليه الصحابة من الإيمان والجهاد ومعاداة أهل الأرض في موالاة الرسول وتصديقه وطاعته فيما يخبر به ويوجبه قبل أن تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر أعوانه وأنصاره وتنتشر دلائل نبوته بل مع قلة المؤمنين وكثرة الكافرين والمنافقين وإنفاق المؤمنين أموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه في مثل تلك الحال أمر ما بقي يحصل مثله لأحد كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه " . " مجموع الفتاوى " ( 13 / 65 ، 66 )
وقال :
ومع هذا فما للمتأخرين كرامة إلا وللسلف من نوعها ما هو أكمل منها .
وأما قوله " لهم أجر خمسين منكم لأنكم تجدون على الخير أعواناً ولا يجدون على الخير أعوانا " : فهذا صحيح إذا عمل الواحد من المتأخرين مثل عملٍ عَمِلَه بعضُ المتقدمين كان له أجر خمسين لكن لا يتصور أن بعض المتأخرين يعمل مثل عمل بعض أكابر السابقين كأبي بكر وعمر فإنه ما بقي يبعث نبيٌّ مثل محمدٍ يُعمل معه مثلما عَملوا مع محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم .

وأما قوله " أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره " - مع أن فيه ليناً - فمعناه : في المتأخرين مَن يشبه المتقدمين ويقاربهم حتى يبقى لقوة المشابهة والمقارنة لا يدري الذي ينظر إليه أهذا خير أم هذا ، وإن كان أحدهما في نفس الأمر خيراً .

فهذا فيه بشرى للمتأخرين بأن فيهم من يقارب السابقين كما جاء في الحديث الآخر " خير أمتي أولها وآخرها وبين ذلك ثبج أو عوج ، وددت أنى رأيت إخواني ، قالوا : أوَلَسنا إخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي " : هو تفضيل للصحابة فإن لهم خصوصية الصحبة التي هي أكمل من مجرد الأُخُوَّة . " مجموع الفتاوى " ( 11 / 370 ، 371 )
ومما هو جدير بالتنبيه أن لفظ الحديث الوارد في السؤال وهو " خير القرون قرني " : لا أصل له بهذا اللفظ ، وإن كثر استعماله في كتب أهل السنة ، ثم هو خطأ من حيث المعنى ، إذ لو كان هذا لفظه لقال بعده " ثم الذي يليه " ! لكن لفظ الحديث " ثم الذين يلونهم " ، ولفظ الحديث الصحيح : " خير الناس قرني " و " خير أمتي قرني ".



الموضوع الأصلي : المفاضلة بين أعمال الصحابة وأعمال أهل آخر الزمان     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

hglthqgm fdk Hulhg hgwphfm ,Hulhg Hig Nov hg.lhk

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21922
طريق الجنة يمر من هنــــــــا https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21921&goto=newpost Wed, 24 Apr 2024 03:48:38 GMT * *1- كفالة اليتيم* *قال النبي صلى الله علية وسلم (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة الوسطى ، وفرج بينهما )) رواه البخاري . * ...

1- كفالة اليتيم

قال النبي صلى الله علية وسلم (( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة الوسطى ، وفرج بينهما )) رواه البخاري .

2- قراءه آية الكرسي بدبر كل صلاة مكتوبة

قال صلى الله علية وسلم (( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة ؛ لم يمنعة من دخول الجنة الا أن يموت )) رواه النسائي .

3- الذكر بعد الوضوء
قال النبي صلى الله علية وسلم (( مامنكم من أحد يتوضاً فيبلغ - او فيسبغ - االوضوء ثم يقول : أشهد أن لا اله الا الله وأشهد ان محمدا عبده ورسولة ، الا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء )) رواه مسلم .

4- صلاة الفجر و العصر
قال صلى الله علية وسلم : (( من صلى البردين ؛ دخل الجنة)) رواه البخاري ومسلم

5- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها
قال صلى الله علية وسلم (( من صلى الصلوات لوقتها كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة )) رواه أحمد وأبوداود ، والنسائي .

6- أفشاء السلام

قال صلى الله علية وسلم (( لاتدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولاتؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شئ اذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشو السلام بينكم )) رواه مسلم .

7-صلاة ركعتين بحضور قلب بعد الوضوء
قال صلى الله علية وسلم (( مامن مسلم بتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيصلي ركعتين يقبل عليهما بقبله ووجهه ؛ الا وجبت له الجنة )) رواه مسلم .

8- طلب العلم
قال صلى الله علية وسلم (( من سلك طريقاً يتلمس فيه علما ؛ سهل اللع له به طريقاً الى الجنة )) رواه مسلم .

9- بر الوالدين
قال صلى الله علية وسلم (( رغم أنفة ، رغم انفة ، ثم رغم انفة ، قيل : من يارسول الله ؛ قال : من أدرك والدية عند الكبر أحدهما أو كليهما ، ثم لم يدخل الجنة )) رواه مسلم .

10- حفظ اللسان والفرج
قال صلى الله علية وسلم (( من يضمن لي مابين لحييه ومابين رجلية ؛ أضمن له الجنة )) رواه البخاري .

تم بحمد الله
الموضوع الأصلي : طريق الجنة يمر من هنــــــــا     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

'vdr hg[km dlv lk ikJJJJJJJJh

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21921
حفظ الله انبيه محمد صل الله عليه وسلم في الصغر https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21920&goto=newpost Wed, 24 Apr 2024 03:41:51 GMT حفظ الله لنبيه محمد صل الله عليه وسلم في الصغر إن مِن أعظم فضائل الله تعالى على الناس أن أرسَل فيهم رسولًا هو خاتم ... حفظ الله لنبيه محمد صل الله عليه وسلم في الصغر إن مِن أعظم فضائل الله تعالى على الناس أن أرسَل فيهم رسولًا هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأنزَل عليه القرآن الكريم هدايةً ونورًا؛ ليُخرِج الناس من ظلمات الجهل والشرك إلى صراط الله المستقيم، ومِن عبادة الأصنام والجن والعبيد إلى عبادة الله الواحد الصمد، الذي لم يَلِد ولم يُولَد، ولم يكن له كفوًا أحد. ومِن فضائله سبحانه أن جعل معجزةَ آخر الأنبياء والمرسلين معجزةً عقليةً تخاطب العقل والقلب، وتَلفِت الأنظار إلى ما فيه العِظَات والعِبَر لأُولي الألباب، وتعرض الآيات والدلائل على وحدانية الله تعالى ليهتدي أصحاب البصائر. ومِن فضل الله تعالى ومَنِّه أن تعهَّد عباده ووالاهم بالنِّعم، فمن عظائم ربوبيته أنه سبحانه أرسل الرسل وأنزل الكتب، ولم يتركِ الناس هملًا، بل أرشدهم إلى ما فيه سعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة، وذلك منذ أن خلق الله تعالى آدم عليه السلام، قال تعالى: ï´؟ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ï´¾ [النحل: 36]. ولقد وعد الله تعالى مَن أطاعه، واتَّبع هُداه، وآمن برسله - أن ينصره ويُمكِّن له في الأرض، كما توعَّد مَن عصاه، وخالف هُداه، وكذَّب رسله - أن يُذِله ويُشقِيه ويجعله عبرةً للغير، قال تعالى: ï´؟ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [الروم: 47]. ومِن فضائله سبحانه أن منَّ على الناس بشريعة الإسلام التي تتَّسِم بالعدل والرحمة، فقضاؤه رحمة، وحكمه عدل، وسُننه في خلقه وكونِه فيها الحكمة والخير والنفع للبشرية كلها؛ الطائعين منهم والعصاة على السواء. دلائل حفظ الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: ï´؟ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ï´¾ [الأنفال: 30]. إن نِعَم الله تعالى وفضائله متتابعةٌ، فبعد أن ذكَّر المؤمنين بما منَّ به عليهم من إيواء وتأييد، ونصرٍ ورزق، كما في قوله تعالى: ï´؟ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ï´¾ [الأنفال: 26] - ذَكَر هنا ما منَّ به على رسوله صل الله عليه وسلم؛ مِن حفظ، وعناية، ونجاة من كيد المشركين ومكرهم، وبيَّن سبحانه أن مكر هؤلاء المشركين مكرٌ هزيل، وأن كيدهم ومكرهم لا يَحيق إلا بهم. وهذا درسٌ عظيم للمؤمنين عامَّة، وللدعاة خاصة، فما عليهم إلا أن يعتصموا بالله عز وجل ويتمسكوا بدين الله، ويَثْبُتوا على الطريق، ولا يَملُّوا الصدع بالحق، ولا يخافوا في الله لومة لائم، وأن يَثِقوا في تأييد الله تعالى لهم، وفي معيته سبحانه، وأنه ناصرهم، وأنه هو الذي يكفُّ بأسَ الكافرين عنهم، ويرد عنهم كيد المعاندين ومكرهم. بَيْدَ أن حفظ الله تعالى وعنايته برسوله صلى الله عليه وسلم لم تكن بعد البعثة وفي النجاة من تآمُرِ المشركين عليه فقط، بل كانت كذلك قبل البعثة، ومِن مظاهر هذا الحفظ وتلك العناية قبل البعثة ما يلي: 1- روى ابن الأثير قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((ما هممتُ بشيء مما كان في الجاهلية يعملونه غيرَ مرَّتينِ، كل ذلك يَحُول الله بيني وبينه، قلتُ ليلةً للغلام الذي يرعى معي بأعلى مكة: لو أبصرتَ لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمُر بها كما يسمر الشباب، فقال: أفعل، فخرجتُ حتى إذا كنتُ عند أول دار بمكة سمعتُ عزفًا، فقلت: ما هذا؟ قالوا: عرس فلان بفلانة، فجلست أسمع، فضرب الله على أذني، فنمتُ فما أيقظني إلا حرُّ الشمس، فعُدْت إلى صاحبي، فسألني، فأخبرته، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت مكة فأصابني مثل أول ليلة، ثم ما هممت بعده بسوء)) . 2- تزكية نَسَبِه عليه الصلاة والسلام؛ فهو دعوة إبراهيم عليه السلام، قال تعالى عن إبراهيم: ï´؟ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ï´¾ [البقرة: 129]. وقد ورد في فضل نسبِه صل الله عليه وسلم ما رواه وَاثِلة بن الأسقع[2] قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((إن الله اصطفى مِن ولد إبراهيم إسماعيلَ، واصطفى مِن ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى مِن بني كنانة قريشًا، واصطفى مِن قريشٍ بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)). فنسَبُه عليه السلام يعودُ إلى إبراهيم عليه السلام، وقد جاء عليه السلام من نكاحٍ، ولم يأتِ من سفاح، فقد ذكَرَت كتبُ السيرة أن أباه رفَض أن يقع على امرأة يقال: إنها أخت وَرقة بن نوفل، حين قالت له: لك مثل الإبل التي نُحِرَتْ عنك وقَعْ عليَّ الآن؛ لما رأت في وجهه من نور النبوة، ورَجَتْ أن تحمل بهذا النبيِّ صل الله عليه وسلم، فتكون أمَّه دون غيرها، فقال عبدالله فيما ذكروا: أمَّا الحرامُ فالحِمامُ دُونَهُ والحلُّ لا حلٌّ فأستبينَهُ فكيف بالأمرِ الذي تبغينَهُ يحمي الكريمُ عِرضَهُ ودِينَهُ ثم عمد إلى آمنةَ فدخل عليها فأصابها، فحمَلت محمدًا صل الله عليه وسلم[4]. لقد اصطفى الله تعالى نبيَّه محمدًا صل الله عليه وسلم، وربَّاه على عينه، فتولَّاه بعنايته سبحانه، وأعَدَّه للرسالة العظمى، والنبوة الخاتمة، فقد ربَّاه وزكَّاه وحمَاه، وأدَّبه وهذَّبه، وشرَّفه ورفع ذِكرَه. أما ستة و ثلاثين و سبعة و ثلاثين و ستة و عشرين و و و مئة و تسعة و عشرين و
الموضوع الأصلي : حفظ الله انبيه محمد صل الله عليه وسلم في الصغر     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

pt/ hggi hkfdi lpl] wg ugdi ,sgl td hgwyv

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21920
سجدة رسول الله يوم القيامة لرب العالمين https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21919&goto=newpost Wed, 24 Apr 2024 03:34:51 GMT *« َعَنْ أبي هُريْرَةَ رضي اللَّه عَنْهُ قَال* * كنا مع رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تُّعجبه* *...
« َعَنْ أبي هُريْرَةَ رضي اللَّه عَنْهُ قَال
كنا مع رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تُّعجبه
فَنَهسَ منها نَهَسةَ وقال :
أنا سيد الناس يوم الْقِيَامَةِ ، هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَاكَ ؟ يَجْمعُ
اللَّه الأوَّلِينَ والآخِرِينَ في صعِيدٍ وَاحِد ، فَيَنْظُرُهمُ
النَّاظِرُ ، وَيُسمِعُهُمُ الدَّاعِي ، وتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ ،
فَيَبْلُغُ النَّاسُ مِنَ الْغَمِّ والْكَرْبِ مَالاَ يُطيقُونَ وَلاَ
يحْتَمِلُونَ ، فَيَقُولُ النَّاسُ : أَلاَ تَروْنَ إِلى مَا أَنْتُمْ
فِيهِ ، إِلَى ما بَلَغَكُمْ ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يشْفَعُ لَكُمْ إِلى
رَبَّكُمْ ؟
فيَقُولُ
بعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ : أبُوكُمْ آدَمُ ، ويأتُونَهُ فَيَقُولُونَ :
يَا أَدمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشرِ ، خَلَقَك اللَّه بيِدِهِ ، ونَفخَ فِيكَ
مِنْ رُوحِهِ ، وأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ وَأَسْكَنَكَ
الْجَنَّةَ ، أَلا تَشْفعُ لَنَا إِلَى ربِّكَ ؟ أَلاَ تَرى مَا نَحْنُ
فِيهِ ، ومَا بَلَغَنَا ؟ فَقَالَ : إِنَّ رَبِّي غَضِبَ غضَباً لَمْ
يغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ . وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ ، وَإِنَّهُ
نَهَاني عنِ الشَّجَرةِ ، فَعَصَيْتُ . نَفْسِي نَفْسِي نَفْسي . اذهَبُوا
إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ . فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيقُولُونَ :
يَا نُوحُ ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُل إِلى أَهْلِ الأرْضِ ، وَقَدْ
سَمَّاك اللَّه عَبْداً شَكُوراً ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ،
أَلاَ تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا ، أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟
فَيَقُولُ : إِنَّ ربِّي غَضِبَ الْيوْمَ غَضَباً لمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ
مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَأَنَّهُ قدْ كانَتْ لِي
دَعْوةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ،
اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ . فَيْأْتُونَ
إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ : يَا إِبْرَاهِيمُ أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ
وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأرْضِ ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ، أَلاَ
تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ : إِنَّ ربِّي قَدْ
غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ
يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَإِنِّي كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذْبَاتٍ
نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى
مُوسَى . فَيأْتُونَ مُوسَى ، فَيقُولُون : يا مُوسَى أَنْت رسُولُ اللَّه
، فَضَّلَكَ اللَّه بِرِسالاَتِهِ وبكَلاَمِهِ على النَّاسِ ، اشْفعْ
لَنَا إِلَى رَبِّكَ ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقول إِنَّ
ربِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ،
وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَإِنِّي قَدْ قتَلْتُ نَفْساً لَمْ
أُومرْ بِقْتلِهَا. نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي ،
اذْهَبُوا إِلَى عِيسى . فَيَأْتُونَ عِيسَى . فَيقُولُونَ : يا عِيسى
أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكلمتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَريم ورُوحٌ مِنْهُ
وَكَلَّمْتَ النَّاسَ في المَهْدِ . اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ . أَلاَ
تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ ، فيَقولُ : : إِنَّ ربِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ
غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ
مِثْلَهُ ، وَلمْ يَذْكُرْ ذنْباً ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي ، اذْهَبُوا
إِلَى غَيْرِي ، اذْهَبُوا إِلَى مُحمَّد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
فيأْتون محَمداً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم .
وفي روايةٍ : «
فَيَأْتُوني فيَقُولُونَ : يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رسُولُ اللَّهِ ،
وَخاتَمُ الأَنْبِياءَ ، وقَدْ غَفَرَ اللَّه لَكَ ما تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِكَ وَما تَأخَّر ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى ربِّكَ ، أَلاَ تَرَى إِلَى
ما نَحْنُ فِيهِ ؟ فَأَنْطَلِقُ ، فَآتي تَحْتَ الْعَرْشِ ، فأَقَعُ
سَاجِداً لِربِّي » ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّه عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ ،
وحُسْن الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئاً لِمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي
ثُمَّ يُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ ارفَع رأْسكَ ، سَلْ تُعْطَهُ ، وَاشْفَعْ
تُشَفَّعْ ، فَأَرفَعُ رَأْسِي ، فَأَقُولُ أُمَّتِي يَارَبِّ ، أُمَّتِي
يَارَبِّ ، فَيُقَالُ : يامُحمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتك مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْباب الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ

وهُمْ شُركَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِويَ ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ » ثُمَّ قال : «
وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ المصراعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ
الْجَنَّةِ كَمَا بَيْن مَكَّةَ وَهَجَر ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ
وَبُصْرَى » متفقٌ عليه





الموضوع الأصلي : سجدة رسول الله يوم القيامة لرب العالمين     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

s[]m vs,g hggi d,l hgrdhlm gvf hguhgldk

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21919
حكم التهنئة قبل صلاة العيد https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21887&goto=newpost Mon, 22 Apr 2024 05:12:53 GMT * الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:* * فإنّ التهنئة بقدوم العيد من الأمور المشروعة... الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
فإنّ التهنئة بقدوم العيد من الأمور المشروعة المباحة، وهي من الأعراف والعادات الحسنة التي انتشرت بين الناس، ولا يزال العمل بها إلى يومنا هذا في أعياد المسلمين، وإنهّ لمن المعلوم، ومما لا شك فيه أنّ العيد شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، التي ينبغي إظهار الفرح والسرور فيها.

وسُمي العيد عيدًا؛ لأنه يعود ويتكرر في وقته كلّ عام؛ ولأنه يعود بالفرح والسرور على المسلمين عمومًا، ولأنه يعود الله تبارك وتعالى فيه بالإحسان على عباده على إثر أدائهم لطاعته بالقيام والصيام ويعقبه عيد الفطر، ونسك الحج ويعقبه عيد الأضحى، وهذه من نعم الله جل وعلا على عباده المؤمنين.

ولقد حُددت الأعياد المشروعة في الإسلام بثلاثة:
1- عيد الفطر: ومناسبته اختتام صيام شهر رمضان المبارك.
2- عيد الأضحى: ومناسبته اختتام عشر من شهر ذي الحجة.
3- عيد الجمعة: وهو عيد الأسبوع ومناسبته اختتام أيام الأسبوع، ولا يظهر غيرها من الأعياد، ولا يحتفل بما سواها.

وإنّ هذه الأعياد مِنَ الشَّعائرِ الدِّينيَّةِ الَّتي تختصُّ بها كلُّ أُمَّةٍ عن غيرِها، وقد أعطى اللهُ تعالى لأُمَّة الإسلام عيدَ الفطرِ وعيدَ الأضحى؛ ليُميِّزَها عن غيرها، ويُبْدِلَها بهما عمّا دونَهما من الأعيادِ، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم وجد لهم يومين يلعبونَ فيهما، وقيل: كانا يُسمَّيانِ بـ(النَّيْرُوزِ والمِهْرَجانِ)، وقالوا كنّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ، وقبلَ دُخولِ الإسلامِ إلى المدينةِ، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنّ الله تعالى أبدلهم خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ، وهما خير لكما من شعائر الجاهلية.

ففي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال:« قدمَ رسولُ اللَّهِ ﷺ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ» «أخرجه أبو داود (١١٣٤)، والنسائي (١٥٥٦)، وأحمد (١٢٠٠٦)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ١١٣٤»، وفي الحديث إشارة إلى النهي عن الاحتفال بأعيادِ الجاهليَّةِ، وتوجيه وحثّ للمسلمين إلى التمسك بشَعائر الإسلام، ويدلّ الحديث على أنّ في الدين فسحةً للناس، فلذا أباح لهم الفرح واللعب والسرور فيما لا يغضب الله تبارك وتعالى. وشرع لهم التكبير: «اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمدُ. أو يُكبِّر ثلاثًا، فيقول: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ولله الحمد. وكل ذلك جائز».

وإنّ من الأعمال المنتشرة إقدام كثير من المسلمين على التهنئة بالعيد قبل صلاة العيد، مع أنّ المعمول به في عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنهم كانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: (تقبّل الله منا ومنك)، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: «وذكر ابن عقيل في تهنئة العيد أحاديث، منها، أنّ محمد بن زياد، قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: (تقبّل الله منا ومنك)، وقال أحمد: إسناد حديث أبي أمامة إسناد جيد. «المغني، لابن قدامة (2 /130)».

وقيل: أنّ التهنئة ليلة العيد وقبل صلاة العيد لا مانع منها، ولا بأس بفعلها، لكون التهنئة بالعيد من باب الأعراف والعادات، فالأمر في باب الأعراف والعادات واسع، لا سيّما إن كان من الأفعال السائدة، والأعراف الطيبة، والعادات الحسنة. وكونه مع عدم وجود دليل يمنع من التهنئة قبل صلاة العيد، لكونها أصبحت من الأمور العادية التي اعتادها الناس، حيث يهنئ بعضهم بعضًا ببلوغ العيد، حيث لم يرد نهي عن التهنئة قبل الصلاة، أو تخصيصها بما بعد الصلاة أو غيره.

ولقد نُقل عن الإمام الشرواني وهو من علماء الشافعية رحمه الله تعالى، قوله: «ويؤخذ من قوله في يوم العيد أنها لا تطلب – أي: التهنئة - في أيام التشريق وما بعد يوم عيد الفطر، لكن جرت عادة الناس بالتهنئة في هذه الأيام ولا مانع منه؛ لأنّ المقصود منه التودد وإظهار السرور، ويُؤخذ من قوله يوم العيد أيضًا: أنّ وقت التهنئة يدخل بالفجر لا بليلة العيد خلافًا، لما في بعض الهوامش أ.هـ، وقد يقال: لا مانع منه أيضًا إذا جرت العادة بذلك؛ لما ذكره من أن المقصود منه التودد وإظهار السرور، ويؤيده ندب التكبير في ليلة العيد» «حواشي الشرواني على تحفة المحتاج، (2 /57)».

والظاهر من بعض الآثار الواردة في التهنئة أنّ بعض السلف كانوا يفعلونها بعد الصلاة، فقد جاء في المغني لابن قدامة قال: وذكر ابن عقيل في تهنئة العيد أحاديث منها: أنّ محمد بن زياد، قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك، وقال أحمد: إسناد حديث أبي أمامة إسناد جيد، وقال علي بن ثابت: سألت مالك بن أنس منذ خمس وثلاثين سنة وقال: لم يزل يعرف هذا بالمدينة.

وفي سنن البيهقي: عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: لَقِيتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقُلْتُ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، فَقَالَ: نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، قَالَ وَاثِلَةُ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عِيدٍ فَقُلْتُ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ، فَقَالَ: نَعَمْ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكَ.

وبناءً على ما تقدّم نقله وذكره يتبين أنّ ظاهر فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والمنقول عنهم: أنّ التهنئة بالعيد تكون (بعد صلاة العيد)، لا قبل دخول يوم العيد، فكيف يُهَنَأ بشيء لم يحصل ولم يقع بعد، فلو كانت التهنئة بعد صلاة العيد فهو أولى وأفضل وأحسن؛ وذلك اقتداءً بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

الترجيح:
إنّ الأفضل والأحسن في التهنئة بالعيد أن تكون بعد صلاة العيد لا قبلها؛ وهو ظاهر فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم وهو المنقول عنهم، وهو من الاقتداءً بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإن هنأ البعض قبل صلاة العيد، فالظاهر أنه لا بأس بذلك ولا مانع منه، لكون التهنئة بالعيد من باب الأفعال المباحة السائدة، والأعراف الطيّبة، والعادات الحسنة، والأمر في باب العادات المشروعة فيه سعة، ومرجعه إلى العرف السائد والمعمول به بين الناس، وأنّ التهنئة ليلة العيد جائزة، والأمر في ذلك واسع.

والله تعالى أعلى وأعلم.
الموضوع الأصلي : حكم التهنئة قبل صلاة العيد     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

p;l hgjikzm rfg wghm hgud]

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21887
احاديث نبوية قصيرة وسهلة السنة النبوية الشريفة https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21886&goto=newpost Mon, 22 Apr 2024 04:52:35 GMT أ تحتوي على مجموعة كبيرة من الأحاديث النبوية التي ساهمت في تفسير الكثير من الأمور المختلفة الخاصة بالدين مثل الأحكام والشرائع المختلفة أو حتى...
أ تحتوي على مجموعة كبيرة من الأحاديث النبوية التي ساهمت في تفسير الكثير من الأمور المختلفة الخاصة بالدين مثل الأحكام والشرائع المختلفة أو حتى بعض الأمور التي تخص الدنيا التي أخبرنا عنها الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا بالإضافة إلى وجود مجموعة كبيرة من هذه الأحاديث التي تشرح وتفصل بعض الأمور التي وردت مجملة في القرآن الكريم. وبما أن موقعنا قد جعل هذا التقرير خاص بِفئة محددة من الناس وهم الأطفال وصغار السن فإننا لن نقدم الأحاديث الكبيرة أو التي يصعب فهمها بسبب صيغتها، ولكننا سوف نقدم مجموعة من الأحاديث النبوية القصيرة والسهلة، والتي من خلالها سوف يتمكن العديد من الأشخاص وليس الصغار فقط أن يدركوا بعض من أمور دينهم أو بعض من الصفات التي تخص الله ورسوله. شاهد أيضا: حديث عن الصبر على البلاء وضيق النفس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه”؛ متفق عليه من حديث أبي هريرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم؛ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”؛ متفق عليه من حديث أنس. قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: “من صلى البردين دخل الجنة”؛ رواه مسلم من حديث جندب بن سفيان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة”؛ رواه مسلم من حديث الحارث بن عاصم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يَحقره، ولا يخذله”؛ رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
الموضوع الأصلي : احاديث نبوية قصيرة وسهلة السنة النبوية الشريفة     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

hph]de kf,dm rwdvm ,sigm hgskm hgkf,dm hgavdtm

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21886
اعطى الله كل وقتك يعطيك الله كل فضله https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21885&goto=newpost Mon, 22 Apr 2024 04:42:23 GMT الذين اشتغلوا بمهمة الدعوة إلى الله وهذه الرسالة جعل الله لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم نبراس الهدى وميزان التقى ؛ عينهم على رسول الله فيزنون...
الذين اشتغلوا بمهمة الدعوة إلى الله وهذه الرسالة جعل الله لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم نبراس الهدى وميزان التقى ؛ عينهم على رسول الله فيزنون كل حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأفعالهم بحركات وسكنات وأقوال وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب21





ماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أن كلفه الله بدعوة الله؟ وقد جعل كله لله؟ ومن الممكن أن يتساءل البعض الذين يشغلون بعض وقتهم لله: لماذا عندي مشاكل في الدنيا؟ لماذا عندي متــاعب في الأرزاق؟ لماذا أشتكي من الهمــوم والغمــوم؟






وقد حسم الإمام أبو العزائم رضي الله عنه هذه القضية وقال لمن حوله من الدعاة : " من أعطى الكل أخذ الكل " أي على قدر عطائك يكون غطائك من الله ، فإذا كنت تعطي جزءاً بسيطاً منك فلماذا تريد غطاءاً من الله؟ لكن من ألجأ ظهره إلى الله وليس له إلا مولاه فإن هذا يتكفَّل به الله





فسيدنا رسول الله منذ كلَّفه ربه ماذا فعل؟ وأين نحن منه؟ فالواحد لو صعد على المنبر وجهزوا له الميكروفونات والمراوح والتكييفات وجاء الناس ليسمعوه ، يريد من الناس بعد ذلك أن يعظموه ويشكروه ، ويثنوا عليه ويكون كبيراً في نظر هؤلاء القوم ، هل رسول الله كان على ذلك؟ أبداً





فعندما كُلّف بالرسالة أول شيء عمله دعا أهل بيته أولاً ، زوجته ومن كان يعيش معه _ وكان سيدنا علي يعيش معه وكذلك زيد بن حارثة _ جمعهم كلهم وعرض عليهم الرسالة إلى أن آمنوا به كلهم وصلَّوا ورائه وبعد أن آمن به هؤلاء إنتقل من الدار إلى خارج الأسوار ولذلك قال لنا صلى الله عليه وسلم : {ابدأ بنفسك ثم بمن تعول}{1}





وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن فرغ من أهل بيته ، بدأ بالعشيرة أتى بسيدنا علي وسأله : كم عدد بني هاشم؟ قال : أربعون رجلاً ، فقال : ادعهم إلى الطعام ، وطلب من زوجته أن تصنع لهم طعاماً يكفي الأربعين رجلاً ، من أين؟ هكذا دعوة الله ورسوله





فمن يتعرض لدعوة الله ورسوله ويريد أن ينال هذا المنى ، يفتح بيته ويطعم الواردين لكي يرضي رب العالمين ، لكن سأدعو في المساجد وباب البيت مغلق بالضبة والمفتاح لا ينفع ذلك؟ فقد قال الله لموسى وهارون: {وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} يونس87





فمن الممكن مثلاً أن يفتح الواحد بيته ويطالب الواردين - إن لم يكن بلسان القال فبلسان الحال - كأن يقول: المصاريف كثيرة والضيوف كثير ويأكلون ويشربون الكثير وكأنه يريد أن يأتي كل واحد منهم بشيء في هذه الحالة يكون قد طلب فيسقط في العطب





لأن المؤمن لا يطلب إلا من مولاه: {إذا سألت فاسأل الله} ، وقال له : " إذا سألت " إذا سأل ، لماذا؟ لأنه يعرف أنه صاحب مقام أكمل ، يعلم أن مولاه يجيبه بغير سؤال ، فإذا سأل فإنما ليسكِّن القلب ولكنه غير محتاج للسؤال لأنه يعلم انه سيكفيه كل أمر وكل شأن





فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد أن أكلوا عرض عليهم الدعوة ، فقالوا ننظر في أمرنا ، ودعاهم إلى الطعام مرة ثانية ، ثم دعاهم للمرة الثالثة ، ثلاث مرات ولما لم يستجيبوا له ماذا فعل سيدنا رسول الله؟ ولم يكن في هذا الوقت مساجد؟ عرض نفسه على الناس





كلما رأى جماعة حول الكـعبة يذهب إليهم ويجالسهم ويعرض عليهم دعوة الله وهؤلاء أهل مكة أما الجماعات الأخرى التى تأتي من خارج مكة وتذهب إلى الأسواق فيذهب رسول الله إليهم في الأسواق ويعرض نفسه عليهم لكي يبين لهم دعوة الله ، ماذا يريد رسول الله من وراء ذلك؟ {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} الأنعام90





وذلك لكي يعلم من هم على مثل حالتي ويظنون أنهم على شيء أو فعلوا شيئاً ، فأين نحن من دعوة رسول الله ما الذي فعلناه؟ كما ترون الآن فنحن قاعدون في مراوح وميكرفونات وأناس مستمعين ومؤمنين بالفعل ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكلم المتعجرفين والأشداء الغلاظ في الردود وفي الصدود وفي البعد عن الواحـد المعبود ، لكنه صلى الله عليه وسلم ذهب إليهم ومعه رحمة الله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران59





حتى من كان يسبُّه أو يشتمه أو يعترض عليه كان يعذره ، لماذا؟ لأنه يراه في وسط هذه الأحوال الكفرية وهذه الأعمال الشركية ، له العذر لأنه ما زال يحتاج إلى مـداواة لكي يخرج من هذه الأحوال إلى نور الهداية وإلى نور الإيمان وإلى طاعة الحنان المنان عز وجل ، فكان صلى الله عليه وسلم يأخذهم باللين





دعا أهل مكة ثم ذهب بعد ذلك إلى أهل الطائف ولما وجد أهل مكة عندهم صدود وكذلك أهل الطائف عندهم صدود ماذا فعل؟ رجع لنفسه ، كيف؟ وهذا هو حال الدعاة ، قال لا بد وأن يكون فيَّ عيبٌ يمنع أولئك الناس من الاجتماع عليَّ؟ ماذا فيَّ يمنعهم من الإقتداء بي؟





فعلَّمنا صلى الله عليه و سلم أن الداعي يدعو الخلق إلى الله وإذا وجد إعراضاً أو صدوداً يُرْجِعُ ذلك لنفسه ولا ينسب السبب إلى ربه أو إلى خلق الله ولكن ينسب السبب إلى نفسه كما قال في الدعاء : " ضعف قوتي ، وقلة حيلتي " أي أنا ضعيفٌ وقليل الحيلة ورجع على نفسه

الموضوع الأصلي : اعطى الله كل وقتك يعطيك الله كل فضله     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

hu'n hggi ;g ,rj; du'd; tqgi

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21885
الثابتون على الحق _ بلال بن رباح https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21884&goto=newpost Mon, 22 Apr 2024 04:35:33 GMT * الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ؛ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، ...
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ؛ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ الْمُذْنِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ، الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا يَقَعُ شَيْءٌ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَلَا يُقْضَى شَأْنٌ إِلَّا بِأَمْرِهِ، وَلَهُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى خَلْقِهِ ﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 149]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ النَّبِيُّ الْأَمِينُ، وَالرَّسُولُ الْكَرِيمُ، وَالْمُبَلِّغُ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالنَّاصِحُ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَسَلُوهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى الْمَمَاتِ؛ فَإِنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَزَّ وَجَلَّ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، فَإِذَا شَاءَ أَزَاغَ الْقَلْبَ، وَإِذَا شَاءَ أَقَامَهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 24].

أَيُّهَا النَّاسُ:
الثَّبَاتُ عَلَى الْحَقِّ، وَتَحَمُّلُ الْأَذَى فِيهِ؛ مِنَّةٌ يَمُنُّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ. وَفِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ رِجَالٌ حَمَلُوا هَذَا الدِّينَ، وَفُتِنُوا فِيهِ، وَعُذِّبُوا عَلَيْهِ، وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِسَبَبِهِ؛ فَمَا لَانَتْ شَكِيمَتُهُمْ، وَلَا وَهَنَتْ عَزِيمَتُهُمْ؛ لِمَا خَالَطَ قُلُوبَهُمْ مِنْ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ، فَتَلَذَّذُوا بِكُلِّ عَذَابٍ فِي سَبِيلِهِ.

وَمِنْ أُولَئِكَ الْأَفْذَاذِ الْأَبْطَالِ فِي الْإِسْلَامِ: بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ الْحَبَشِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وُلِدَ بِمَكَّةَ، وَكَانَ مِنَ الْمَوَالِي، وَتَقَدَّمَ إِسْلَامُهُ جِدًّا؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ، وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَجَاءَ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِهِ وَتَعْذِيبِهِ مَا رَوَى الْوَضِينُ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: «اعْتَزَلَ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، فَمَرَّ بِهِمَا بِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي غَنَمٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ... فَأَطْلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ الْغَارِ، فَقَالَ: يَا رَاعِي، هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟! فَقَالَ بِلَالٌ: مَا لِي فِيهَا إِلَّا شَاةٌ مِنْهَا قُوتِي، فَإِنْ شِئْتُمَا آثَرْتُكُمَا الْيَوْمَ بِلَبَنِهَا، فَقَالَ: ائْتِ بِهَا، فَجَاءَ بِهَا فَاعْتَقَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَلَبَ فِي الْقَعْبِ -وَهُوَ قَدَحٌ يَرْوِي الثَّلَاثَةَ- وَشَرِبَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ سَقَى بِلَالًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْسَلَهَا وَهِيَ أَحْفَلُ مِمَّا كَانَتْ، فَقَالَ: يَا غُلَامُ، هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ؟ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَا: اكْتُمْ إِسْلَامَكَ. وَانْصَرَفَ بِغَنَمِهِ وَقَدْ أُضْعِفَ لَبَنُهَا، فَقَالَ لَهُ أَهْلُهُ: لَقَدْ رَعَيْتَ الْيَوْمَ مَرْعًى طَيِّبًا فَعَلَيْكَ بِهِ، فَعَادَ إِلَيْهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَسْقِيهِمَا اللَّبَنَ، وَيَتَعَلَّمُ الْإِسْلَامَ. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَاخْتَفَى فِي دَارٍ عِنْدَ الْمَرْوَةِ، فَدَخَلَ بِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ وَقُرَيْشٌ فِي ظَاهِرِهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَجَعَلَ يَبْصُقُ عَلَى الْأَصْنَامِ وَيَقُولُ: خَابَ وَخَسِرَ مَنْ عَبَدَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، فَطَلَبَتْهُ قُرَيْشٌ فَهَرَبَ، فَدَخَلَ دَارَ سَيِّدِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ فَاخْتَفَى فِيهَا، فَجَاءُوا إِلَى الْبَابِ، وَنَادَوْا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعَانَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا: صَبَوْتَ؟ فَقَالَ: أَلِمِثْلِي تَقُولُونَ هَذَا؟ عَلَيَّ نَحْرُ مِئَةِ نَاقَةٍ لِلَّاتِ وَالْعُزَّى إِنْ كُنْتُ صَبَوْتُ، قَالُوا: فَإِنَّ أَسْوَدَكَ صَنَعَ كَذَا وَكَذَا، فَدَخَلَ فَأَخْرَجَهُ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ: شَأْنُكُمْ بِهِ، افْعَلُوا بِهِ مَا أَحْبَبْتُمْ، فَخَرَجَ بِهِ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ إِلَى الرَّمْضَاءِ، وَبَسَطَاهُ عَلَيْهَا، وَجَعَلَا عَلَى عُنُقِهِ رَحًى، وَقَالَا: اكْفُرْ بِمُحَمَّدٍ، وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ. وَمَرَّ بِهِمَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تُدْرِكَانِ بِعَذَابِهِ ثَأْرًا، فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ: هُوَ عَلَى دِينِكَ فَاشْتَرِهِ مِنَّا...».

وَمِمَّا جَاءَ فِي تَعْذِيبِهِ وَثَبَاتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَمَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَأَوْقَفُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا قَدْ آتَاهُمْ كُلَّمَا أَرَادُوا غَيْرَ بِلَالٍ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَجَعَلَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ». وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَرَرْتُ بِبِلَالٍ وَهُوَ يُعَذَّبُ فِي الرَّمْضَاءِ لَوْ أَنَّ بَضْعَةَ لَحْمٍ وُضِعَتْ لَنَضَجَتْ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا كَافِرٌ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَأُمَيَّةُ مُغْتَاظٌ عَلَيْهِ فَيَزِيدُهُ عَذَابًا فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ، فَيَدْغَتُ فِي حَلْقِهِ -أَيْ يَخْنُقُهُ- فَيُغْشَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يَفِيقُ». وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «حَجَجْتُ فَرَأَيْتُ بِلَالًا فِي حَبْلٍ طَوِيلٍ، تَمُدُّهُ الصِّبْيَانُ... وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، أَنَا أَكْفُرُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَهُبَلَ وَإِسَافَ وَنَائِلَةَ وَبَوَانَةَ، فَأَضْجَعَهُ أُمَيَّةُ فِي الرَّمْضَاءِ». وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: «كَانَ بِلَالٌ إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ قَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ. فَيَقُولُونَ لَهُ: قُلْ كَمَا نَقُولُ. فَيَقُولُ: إِنَّ لِسَانِي لَا يَنْطَلِقُ بِهِ وَلَا يُحْسِنُهُ». وَرُوِيَ أَنَّ بِلَالًا قَالَ: «أَعْطَشُونِي يَوْمًا وَلْيَلَةً ثُمَّ أَخْرَجُونِي فَعَذَّبُونِي فِي الرَّمْضَاءِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ». وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: «كَانَ بِلَالٌ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ يُعَذَّبُ حِينَ أَسْلَمَ لِيَرْجِعَ عَنْ دِينِهِ، فَمَا أَعْطَاهُمْ قَطُّ كَلِمَةً مِمَّا يُرِيدُونَ».

وَصَبَرَ بِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى شِدَّةِ الْعَذَابِ، وَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى إِيمَانِهِ لَا يَتَزَحْزَحُ عَنْهُ، حَتَّى اشْتَرَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْتَقَهُ، وَفِي هَذَا يَقُولُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا، يَعْنِي: بِلَالًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ بِلَالٌ مَعَ الْمُهَاجِرِينَ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ وَانْتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ تَحَقَّقَ لِبِلَالٍ قِصَاصُهُ مِمَّنْ عَذَّبُوهُ، وَأَوَّلُهُمْ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ، فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا، خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلْتُ لَهُ: ابْرُكْ، فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَشَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ بِالْجَنَّةِ؛ فَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: «يَا بِلَالُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةٍ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَظَلَّ بِلَالٌ مُؤَذِّنًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ، وَوَلِيَ الْخِلَافَةَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاشْتَاقَ بِلَالٌ لِلْجِهَادِ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِي، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ، فَدَعْنِي وَعَمَلَ اللَّهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَاشَدَهُ أَنْ يَبْقَى مَعَهُ فَبَقِيَ حَتَّى وَلِيَ الْخِلَافَةَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَذِنَ لَهُ فِي الْجِهَادِ. فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ بِلَالٍ وَأَرْضَاهُ، وَرَضِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...



الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
مَكَثَ بِلَالٌ مُرَابِطًا فِي الشَّامِ، فَلَمَّا زَارَ عُمَرُ الشَّامَ قَابَلَهُ بِلَالٌ، رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَمَّا خَطَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَادَ إِلَى الْجَابِيَةِ، سَأَلَهُ بِلَالٌ أَنْ يُقِرَّهُ بِالشَّامِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: وَأَخِي أَبُو رُوَيْحَةَ الَّذِي آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ دَارِيَّا فِي خَوْلَانَ، فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ إِلَى قَوْمٍ مِنْ خَوْلَانَ، فَقَالَ: قَدْ أَتَيْنَاكُمْ خَاطِبَيْنِ، وَقَدْ كُنَّا كَافِرَيْنِ فَهَدَانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَمْلُوكَيْنِ فَأَعْتَقَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَفَقِيرَيْنِ فَأَغْنَانَا اللَّهُ، فَإِنْ تُزَوِّجُونَا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَإِنْ تَرُدُّونَا فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: فَزَوَّجُوهُمَا» رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ.

وَمَاتَ بِلَالٌ بِالشَّامِ زَمَنَ عُمَرَ، وَلَمَّا احْتُضِرَ سَمِعَ امْرَأَتَهُ تَقُولُ: «وَاحُزْنَاهْ، فَقَالَ: وَاطَرَبَاهْ، غَدًا أَلْقَى الْأَحِبَّةَ؛ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ»، فَكَانَ بِلَالٌ يَمْزُجُ مَرَارَةَ الْمَوْتِ بِحَلَاوَةِ اللِّقَاءِ، كَمَا كَانَ وَهُوَ يُعَذَّبُ فِي مَكَّةَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، يَمْزُجُ مَرَارَةَ الْعَذَابِ بِحَلَاوَةِ الْإِيمَانِ. فَلِلَّهِ دَرُّهُ، مَا أَشَدَّ صَبْرَهُ، وَمَا أَعْظَمَ ثَبَاتَهُ فِي حَيَاتِهِ وَعِنْدَ مَمَاتِهِ.

وَمِنْ سِيرَةِ بِلَالٍ وَثَبَاتِهِ نَتَعَلَّمُ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ، وَلَوْ كَثُرَ الْمُبَدِّلُونَ وَالنَّاكِصُونَ، وَنُدْرِكُ أَنَّ عَاقِبَةَ الصَّبْرِ نَصْرٌ عَزِيزٌ، وَفَوْزٌ كَبِيرٌ. فَبِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَبَرَ عَلَى الْأَذَى فِي مَكَّةَ، مُعْتَزًّا بِإِيمَانِهِ، شَامِخًا فِي ثَبَاتِهِ، لَا يَجِدُ كَلِمَةً أَشَدَّ إِغَاظَةً لِأَهْلِ الْكُفْرِ مِنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، فَكَانَ يُرَدِّدُهَا: أَحَدُ أَحَدٌ، يُرِيدُ تَوْحِيدَ اللَّهِ تَعَالَى وَنَبْذَ شِرْكِهِمْ. ثُمَّ عَتَقَ بِلَالٌ وَهَاجَرَ، وَعُوفِيَ مِنَ الْبَلَاءِ، وَارْتَاحَ مِنَ الْعَذَابِ، وَاغْتَنَى مِنَ الْفَقْرِ، وَحَازَ الْأَجْرَ وَالشَّرَفَ، وَفَوْزُ الْآخِرَةِ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ. بَيْنَمَا مَاتَ مُعَذِّبُوهُ شَرَّ مِيتَةٍ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى.

فَهَنِيئًا لِمَنْ تَزَيَّا بِالثَّبَاتِ عَلَى دِينِهِ، وَتَسَلَّحَ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يُصِيبُهُ، وَابْتَغَى الْآخِرَةَ دُونَ الْعَاجِلَةِ، وَنَظَرَ إِلَى الْعَاقِبَةِ دُونَ الْحَالِ الْحَاضِرَةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُغَيِّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَيَعِزُّ الْأَذِلَّةَ الضُّعَفَاءَ وَيَنْصُرُهُمْ، وَيُذِلُّ الْأَعِزَّةَ الْأَقْوِيَاءَ وَيَهْزِمُهُمْ ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 25].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
الموضوع الأصلي : الثابتون على الحق _ بلال بن رباح     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

hgehfj,k ugn hgpr _ fghg fk vfhp

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21884
( 55 ) وصية من وصايا الرسول عليه السلام https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21838&goto=newpost Sun, 21 Apr 2024 03:53:28 GMT *_الْوَصِيَّةُ الخمسون _**_..._* *« تَعْوِيذَةٌ مِنَ الْعَقْرَبِ » ...* عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ...
الْوَصِيَّةُ الخمسون ...


« تَعْوِيذَةٌ مِنَ الْعَقْرَبِ » ...

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا لَقِيتُ مِنَ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، فَقَالَ :
« أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ ، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرْكَ »
أخرجه مالك ومسلم والترمذي ...

وَلفظُهُ : « مَنْ قَالَ حِيْنَ يُمْسِي ثَلاثَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ
لِمْ تَضُرْهُ حُمَّةٌ (1) تِلْكَ اللَّيْلَةِ »
قَالَ سُهَيْلٌ : فَكَانَ أَهْلُنَا تَعَلَّمُوهَا فَكَانُوا يَقُولُونَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ فَلُدِغَتْ جَارِيَةٌ مِنْهُمْ فَلَمْ تَجِدْ لَهَا وَجَعاً » .
(1) الحمة : لدغة كل ذي سم .
« الرُّقْيَةُ بِأُمِّ الْكِتَابِ عَلى المَلْدُوغِ » ..
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخدريِّ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : « انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِِ وَسَلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا ، حَتَّى نَزَلُوا عَلى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ
فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلِكَ الْحَيِّ ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِ شَيْءٍ ، لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُمْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ بَعْضُ شَيْءٍ
فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا : يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ ، لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ
فَهَلْ عِنْدَ أَحَدِكُمْ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنِّي وَاللهِ لأَرْقِي ، وَلكِنْ وَاللهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ
فَلَمْ تُضَيِّفُونَا ، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً فَصَالَحُوهُمْ عَلى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ
فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ : « الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ » (2) فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَاٍل
فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ (3) فَأَوْفُوهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِقْسِموا
فَقَالَ الَّذِي رَقَى : لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ
فَنَنْظُرَ الَّذِي يَأْمُرُنَا ، فَقَدِمُوا عَلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ :
« وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ » ثُمَّ قَالَ « قَدْ أَصَبْتُمْ ، إِقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمَاً »
وَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

هذا لفظ رواية البخاري وهي أتم الروايات ...

(2) المقصود من قوله : « فانطلق يتفل عليه ويقرأ ( الحمد لله رب العالمين ) يعني قراءة جميع الفاتحة
كما جاء مصرحاً به في رواية في الصحيحين قال فجعل يقرأ بأم الكتاب ...
(3) قوله : « فانطلق يمشي وما به قلبة » يعني : ما به وجع ...


اللهم صلي و سلم و بارك على سيدنا محمد ..
الموضوع الأصلي : ( 55 ) وصية من وصايا الرسول عليه السلام     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

( 55 ) ,wdm lk ,whdh hgvs,g ugdi hgsghl

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21838
حديث إذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطش https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21837&goto=newpost Sun, 21 Apr 2024 03:45:19 GMT * *عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ العبد المسلم، أو المؤمن، فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع ...

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ العبد المسلم، أو المؤمن، فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء، أو نحو هذا - وإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء - حتى يخرج نقيا من الذنوب».
هذا حديث حسن صحيح وهو حديث مالك، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأبو صالح والد سهيل هو أبو صالح السمان، واسمه ذكوان، وأبو هريرة اختلف في اسمه، فقالوا: عبد شمس، وقالوا: عبد الله بن عمرو، وهكذا قال محمد بن إسماعيل، وهذا الأصح.
وفي الباب عن عثمان، وثوبان، والصنابحي، وعمرو بن عبسة، وسلمان، وعبد الله بن عمرو، والصنابحي هذا الذي روى عن أبي بكر الصديق، ليس له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ويكنى أبا عبد الله، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، والصنابح بن الأعسر الأحمسي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، يقال له: الصنابحي أيضا، وإنما حديثه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: إني مكاثر بكم الأمم فلا تقتتلن بعدي
صحيح
شرح حديث (إذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء)
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: أبو العلا محمد عبد الرحمن المباركفورى (المتوفى: 1353هـ)
‏ ‏قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ) ‏ ‏الْخَطْمِيُّ الْمَدِينِيُّ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ الثَّبْتُ أَبُو مُوسَى قَاضِي نَيْسَابُورَ , سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَعَبْدَ السَّلَامِ بْنَ حَرْبٍ وَمَعْنَ بْنَ عِيسَى وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ صَاحِبَ سُنَّةٍ , ذَكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ فَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ , وَقَالَ النَّسَائِيُّ ثِقَةٌ , حَدَّثَ عَنْهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَآخَرُونَ , قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ بِجُوسِيَّةَ بُلَيْدَةٍ مِنْ أَعْمَالِ حِمْصَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ كَذَا فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ.
وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ : ثِقَةٌ مُتْقِنٌ.
‏ ‏فَائِدَةٌ : قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ إِذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ اِبْنَ الْأَنْصَارِيِّ فَيَعْنِي بِهِ إِسْحَاقَ بْنَ مُوسَى الْأَنْصَارِيَّ.
اِنْتَهَى.
قُلْت : الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الذَّهَبِيُّ , لَكِنْ يَقُولُ التِّرْمِذِيُّ.
الْأَنْصَارِيَّ لَا اِبْنَ الْأَنْصَارِيِّ كَمَا قَالَ فِي بَابِ مَاءِ الْبَحْرِ أَنَّهُ طَهُورٌ : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ وَحَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنٌ إِلَخْ.
وَكَمَا قَالَ فِي بَابِ التَّغْلِيسِ بِالْفَجْرِ : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ح قَالَ ونا الْأَنْصَارِيُّ نا مَعْنٌ إِلَخْ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ فَمَرَّ النِّسَاءُ مُتَلَفِّفَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ إِلَخْ , فَالْحَاصِلُ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ إِذَا قَالَ فِي شُيُوخِهِ الْأَنْصَارِيَّ فَيَعْنِي بِهِ إِسْحَاقَ بْنَ مُوسَى الْأَنْصَارِيَّ لَا غَيْرُ , فَاحْفَظْ هَذَا فَإِنَّهُ نَافِعٌ.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : قَدْ غَفَلَ صَاحِبُ الطِّيبِ الشَّذِيِّ عَمَّا ذَكَرْنَا آنِفًا مِنْ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ إِذَا يَقُولُ الْأَنْصَارِيَّ فَيَعْنِي بِهِ إِسْحَاقَ بْنَ مُوسَى الْأَنْصَارِيَّ فَلِذَلِكَ قَدْ وَقَعَ فِي مَغْلَطَةٍ عَظِيمَةٍ ; وَهِيَ أَنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَاءِ الْبَحْرِ أَنَّهُ طَهُورٌ مَا لَفْظُهُ : قَوْلُهُ الْأَنْصَارِيَّ هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَصْرِيحِ الْحَافِظِ فِي التَّلْخِيصِ كَمَا سَيَأْتِي فِي تَصْحِيحِ الْحَدِيثِ اِنْتَهَى.
قُلْت الْعَجَبَ أَنَّهُ مِنْ هَذِهِ الْغَفْلَةِ الشَّدِيدَةِ كَيْفَ جَوَّزَ أَنَّ الْأَنْصَارِيَّ هَذَا هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَالْأَنْصَارِيُّ هَذَا هُوَ شَيْخُ التِّرْمِذِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ , وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ , فَبَيْنَ التِّرْمِذِيِّ وَبَيْنَهُ مَفَاوِزُ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الْمَطَايَا فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ , كَلَّا ثُمَّ كَلَّا ثُمَّ الْعَجَبَ عَلَى الْعَجَبِ أَنَّهُ قَالَ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَصْرِيحِ الْحَافِظِ فِي التَّلْخِيصِ , وَلَمْ يُصَرِّحْ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّ الْأَنْصَارِيَّ هَذَا هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ , وَلَا يَظْهَرُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ أَلْبَتَّةَ , وَقَدْ وَقَعَ هُوَ فِي هَذَا فِي مَغْلَطَةٍ أُخْرَى , وَالْأَصْلُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَكَلَّمَ فِي غَيْرِ فَنِّهِ يَأْتِي بِمِثْلِ هَذِهِ الْعَجَائِبِ.
‏ ‏( نا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ) ‏ ‏أَبُو يَحْيَى الْمَدَنِيُّ الْقَزَّازُ الْأَشْجَعِيُّ مَوْلَاهُمْ , أَخَذَ عَنْ اِبْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ وَمَالِكٍ وَطَبَقَتِهِمْ , رَوَى عَنْهُ اِبْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَهَارُونُ الْجَمَّالُ وَخَلْقٌ , قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ اِبْنِ وَهْبٍ وَهُوَ أَثْبَتُ أَصْحَابِ مَالِكٍ , تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ 198 ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ , كَذَا فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ , وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ ثِقَةٌ ثَبْتٌ ‏ ‏( نا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ) ‏ ‏هُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَصْبَحِيُّ الْمَدَنِيُّ إِمَامُ دَارِ الْهِجْرَةِ رَأْسُ الْمُتْقِنِينَ وَكَبِيرُ الْمُثْبِتِينَ , تَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ ‏ ‏( عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ) ‏ ‏الْمَدَنِيِّ صَدُوقٌ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ بِآخِرِهِ , رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا وَتَعْلِيقًا , مِنْ السَّادِسَةِ , مَاتَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ , كَذَا فِي التَّقْرِيبِ , قُلْت : قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ : وَقَالَ غَيْرُهُ - أَيْ غَيْرُ اِبْنِ مَعِينٍ - : إِنَّمَا أَخَذَ عَنْهُ مَالِكٌ قَبْلَ التَّغَيُّرِ , وَقَالَ الْحَاكِمُ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ الْكَثِيرَ وَأَكْثَرُهَا فِي الشَّوَاهِدِ.
اِنْتَهَى ‏ ‏( عَنْ أَبِيهِ ) ‏ ‏أَيْ أَبِي صَالِحٍ وَاسْمُهُ ذَكْوَانُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ , قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : ذَكْوَانُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ الزَّيَّاتُ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ وَكَانَ يَجْلِبُ الزَّيْتَ إِلَى الْكُوفَةِ , مِنْ الثَّالِثَةِ مَاتَ سَنَةَ 101 إِحْدَى وَمِائَةٍ.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : اعْلَمْ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَالِدَ سُهَيْلٍ هُوَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ , وَاسْمُهُ ذَكْوَانُ , وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى مُنَاسَبَةٍ بِفَنِّ الْحَدِيثِ , وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ , وَقَدْ وَقَعَ صَاحِبُ الطِّيبِ الشَّذِيِّ هَاهُنَا فِي مَغْلَطَةٍ عَظِيمَةٍ فَظَنَّ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَالِدَ سُهَيْلٍ هَذَا هُوَ أَبُو صَالِحٍ الَّذِي اِسْمُهُ مِينَا , حَيْثُ قَالَ : قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ مَوْلَى ضُبَاعَةَ , لَيِّنُ الْحَدِيثِ مِنْ الثَّالِثَةِ , وَاسْمُهُ مِينَا بِكَسْرِ الْمِيمِ اِنْتَهَى.
‏ ‏وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّهُ كَيْفَ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَغْلَطَةِ مَعَ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَدْ صَرَّحَ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَالِدَ سُهَيْلٍ هُوَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ وَاسْمُهُ ذَكْوَانُ.
‏ ‏ثُمَّ قَدْ حَكَمَ التِّرْمِذِيُّ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَسَنٌ صَحِيحٌ , فَكَيْفَ ظَنَّ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ وَالِدَ سُهَيْلٍ هُوَ أَبُو صَالِحٍ الَّذِي اِسْمُهُ مِينَا , وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : " إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ " ‏ ‏هَذَا شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي , وَكَذَا قَوْلُهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ قَطْرِ الْمَاءِ , قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ ‏ ‏( فَغَسَلَ وَجْهَهُ ) ‏ ‏عُطِفَ عَلَى تَوَضَّأَ عَطْفَ تَفْسِيرٍ , أَوْ الْمُرَادُ إِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ‏ ‏( خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ ) ‏ ‏جَوَابُ إِذَا ( كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا ) أَيْ إِلَى الْخَطِيئَةِ يَعْنِي إِلَى سَبَبِهَا إِطْلَاقًا لِاسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ مُبَالَغَةً ‏ ‏( بِعَيْنَيْهِ ) ‏ ‏قَالَ الطِّيبِيُّ تَأْكِيدٌ ‏ ‏( مَعَ الْمَاءِ ) ‏ ‏أَيْ مَعَ اِنْفِصَالِهِ ‏ ‏( أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوَ هَذَا ) ‏ ‏قِيلَ أَوْ لِشَكِّ الرَّاوِي وَقِيلَ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ , وَالْقَطْرُ إِجْرَاءُ الْمَاءِ وَإِنْزَالُ قَطْرِهِ , كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ , قُلْت أَوْ هَاهُنَا لِلشَّكِّ لَا لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَ هَذَا , قَالَ الْقَاضِي الْمُرَادُ بِخُرُوجِهَا مَعَ الْمَاءِ الْمَجَازُ وَالِاسْتِعَارَةُ فِي غُفْرَانِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَجْسَامٍ فَتَخْرُجُ حَقِيقَةً وَقَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ : قَوْلُهُ خَرَجَتْ الْخَطَايَا يَعْنِي غُفِرَتْ لِأَنَّ الْخَطَايَا هِيَ أَفْعَالٌ وَأَعْرَاضٌ لَا تَبْقَى فَكَيْفَ تُوصَفُ بِدُخُولٍ أَوْ بِخُرُوجٍ ؟ وَلَكِنَّ الْبَارِئَ لَمَّا أَوْقَفَ الْمَغْفِرَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ فِي الْعُضْوِ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا بِالْخُرُوجِ اِنْتَهَى.
قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ اِبْنِ الْعَرَبِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ : بَلْ الظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَطَايَا تُورِثُ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ سَوَادًا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ أَرْبَابُ الْأَحْوَالِ وَالْمُكَاشَفَاتِ , وَالطَّهَارَةُ تُزِيلُهُ , وَشَاهِدُ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ , وَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ " وَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ الْجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ الثَّلْجِ وَإِنَّمَا سَوَّدَتْهُ خَطَايَا الْمُشْرِكِينَ " قَالَ السُّيُوطِيُّ : فَإِذَا أَثَّرَتْ الْخَطَايَا فِي الْحَجَرِ فَفِي جَسَدِ فَاعِلِهَا أَوْلَى , فَإِمَّا أَنْ يُقَدَّرَ : خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ أَثَرُ خَطِيئَتِهِ أَوْ السَّوَادُ الَّذِي أَحْدَثَتْهُ.
وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْخَطِيئَةَ نَفْسَهَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ عَلَى أَنَّهَا جِسْمٌ لَا عَرَضٌ بِنَاءً عَلَى إِثْبَاتِ عَالَمِ الْمِثَالِ , وَأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ فِي هَذَا الْعَالَمِ عَرَضٌ لَهُ صُورَةٌ فِي عَالَمِ الْمِثَالِ , وَلِهَذَا صَحَّ عَرْضُ الْأَعْرَاضِ عَلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , ثُمَّ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ لَهُمْ " أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ " وَإِلَّا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عَرْضُ الْأَعْرَاضِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صُورَةٌ تُشَخَّصُ بِهَا , قَالَ وَقَدْ حَقَّقْت ذَلِكَ فِي تَأْلِيفٍ مُسْتَقِلٍّ وَأَشَرْت إِلَيْهِ فِي حَاشِيَتِي الَّتِي عَلَّقْتهَا عَلَى تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ , وَمِنْ شَوَاهِدِهِ فِي الْخَطَايَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أُتِيَ بِذُنُوبِهِ فَجُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ وَعَاتِقِهِ فَكُلَّمَا رَكَعَ وَسَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ ! وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُسْلِمُ يُصَلِّي وَخَطَايَاهُ مَرْفُوعَةٌ عَلَى رَأْسِهِ كُلَّمَا سَجَدَ تَحَاتَّتْ عَنْهُ , اِنْتَهَى كَلَامُ السُّيُوطِيِّ.
‏ ‏قُلْت لَا شَكَّ فِي أَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَمَّا إِثْبَاتُ عَالَمِ الْمِثَالِ فَعِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ فَتَفَكَّرْ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( بَطَشَتْهَا ) ‏ ‏أَيْ أَخَذَتْهَا ‏ ‏( حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ ) ‏ ‏قَالَ اِبْنُ الْمَلَكِ : أَيْ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ طَاهِرًا مِنْ الذُّنُوبِ , أَيْ الَّتِي اِكْتَسَبَهَا بِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ أَوْ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَقِيلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْمُتَوَضِّئُ إِلَى الصَّلَاةِ طَاهِرًا مِنْ الذُّنُوبِ , قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : قَوْلُهُ حَتَّى يَخْرُجَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى تَمَامِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَهَكَذَا بَاقِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ , كَمَا يُفِيدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ , فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ الْحَدِيثَ , وَرِوَايَاتٌ غَيْرُهُ اِنْتَهَى.
قُلْت الْأَمْرُ كَمَا قَالَ السِّنْدِيُّ , فَرَوَى مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ مَرْفُوعًا : إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَمَضْمَضَ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ وَإِذَا اِسْتَنْثَرَ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ , وَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ , فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ , فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ , حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ , ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ ; كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ قَالَ الطِّيبِيُّ : فَإِنْ قِيلَ ذَكَرَ لِكُلِّ عُضْوٍ مَا يُخَصُّ بِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَمَا يُزِيلُهَا عَنْ ذَلِكَ وَالْوَجْهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ فَلِمَ خُصَّتْ الْعَيْنُ بِالذِّكْرِ ؟ أُجِيبُ بِأَنَّ الْعَيْنَ طَلِيعَةُ الْقَلْبِ وَرَائِدُهُ فَإِذَا ذُكِرَتْ أَغْنَتْ عَنْ سَائِرِهَا اِنْتَهَى.
قَالَ اِبْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ - مُعْتَرِضًا عَلَى الطِّيبِيِّ - : كَوْنُ الْعَيْنِ طَلِيعَةً كَمَا ذَكَرَهُ لَا يُنْتِجُ الْجَوَابَ عَنْ تَخْصِيصِ خَطِيئَتِهَا بِالْمَغْفِرَةِ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ , بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْجَوَابِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ التَّخْصِيصِ هُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ لَهُ طَهَارَةٌ مَخْصُوصَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ طَهَارَةِ الْوَجْهِ , فَكَانَتْ مُتَكَفِّلَةً بِإِخْرَاجِ خَطَايَاهُ , بِخِلَافِ الْعَيْنِ , فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا طَهَارَةٌ إِلَّا فِي غَسْلِ الْوَجْهِ فَخُصَّتْ خَطِيئَتُهَا بِالْخُرُوجِ عِنْدَ غَسْلِهِ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ.
ذَكَرَهُ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ ص 64 ج 2 اِنْتَهَى.
قُلْت الْأَمْرُ كَمَا قَالَ اِبْنُ حَجَرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَالنَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَةُ , قَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ : الْخَطَايَا الْمَحْكُومُ بِمَغْفِرَتِهَا هِيَ الصَّغَائِرُ دُونَ الْكَبَائِرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ.
فَإِذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ مَقْرُونَةً بِالْوُضُوءِ لَا تُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ فَانْفِرَادُ الْوُضُوءِ بِالتَّكْفِيرِ عَنْ ذَلِكَ أَحْرَى , قَالَ : وَهَذَا التَّكْفِيرُ إِنَّمَا هُوَ لِلذُّنُوبِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ , وَأَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَإِنَّمَا يَقَعُ النَّظَرُ فِيهَا بِالْمُقَاصَّةِ مَعَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ‏ ‏وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ , وَتَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ حَدُّ الْحَسَنِ وَالصَّحِيحِ مُفَصَّلًا.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَأَبُو صَالِحٍ وَالِدُ سُهَيْلٍ هُوَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ ) ‏ ‏بِشَدَّةِ الْمِيمِ أَيْ بَائِعُ السَّمْنِ وَكَانَ يَجْلِبُ الزَّيْتَ وَالسَّمْنَ إِلَى الْكُوفَةِ ‏ ‏( وَاسْمُهُ ذَكْوَانُ ) ‏ ‏الْمَدَنِيُّ مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ الْغَطَفَانِيَّةِ , شَهِدَ الدَّارَ وَحِصَارَ عُثْمَانَ وَسَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَعِدَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ , وَعَنْهُ ابْنُهُ سُهَيْلٌ وَالْأَعْمَشُ وَطَائِفَةٌ , ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فَقَالَ ثِقَةٌ مِنْ أَجَلِّ النَّاسِ وَأَوْثَقِهِمْ , قَالَ الْأَعْمَشُ سَمِعْت مِنْ أَبِي صَالِحٍ أَلْفَ حَدِيثٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَأَبُو هُرَيْرَةَ اِخْتَلَفُوا فِي اِسْمِهِ فَقَالُوا عَبْدَ شَمْسٍ وَقَالُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَهَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَهَذَا الْأَصَحُّ ) ‏ ‏قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ : أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ حَافِظُ الصَّحَابَةِ اُخْتُلِفَ فِي اِسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ قِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ وَقِيلَ اِبْنُ غُنْمٍ إِلَى أَنْ ذَكَرَ تِسْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ هَذَا الَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ , وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهَا أَرْجَحُ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى الْأَوَّلِ أَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ وَذَهَبَ جَمْعٌ مِنْ النَّسَّابِينَ إِلَى عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ اِنْتَهَى , وَفِي الْمِرْقَاةِ شَرْحِ الْمِشْكَاةِ : قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ.
أَصَحُّ شَيْءٍ عِنْدَنَا فِي اِسْمِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ كُنْيَتُهُ فَهُوَ كَمَنْ لَا اِسْمَ لَهُ , أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ وَشَهِدَهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَزِمَهُ وَوَاظَبَ عَلَيْهِ رَاغِبًا فِي الْعِلْمِ رَاضِيًا بِشِبَعِ بَطْنِهِ وَكَانَ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ مَا دَارَ , وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رَوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ فَمِنْهُمْ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَمْرٍو وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ , قِيلَ سَبَبُ تَلْقِيبِهِ بِذَلِكَ مَا رَوَاهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : كُنْت أَحْمِلُ يَوْمًا هِرَّةً فِي كُمِّي فَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا هَذِهِ ؟ فَقُلْت هِرَّةٌ , فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ.
اِنْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ , وَذَكَرَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ قَالَ : كَنَّانِي أَبِي بِأَبِي هُرَيْرَةَ لِأَنِّي كُنْت أَرْعَى غَنَمًا فَوَجَدْت أَوْلَادَ هِرَّةٍ وَحْشِيَّةٍ فَلَمَّا أَبْصَرَهُنَّ وَسَمِعَ أَصْوَاتَهُنَّ أَخْبَرْته فَقَالَ أَنْتَ أَبُو هِرٍّ , وَكَانَ اِسْمِي عَبْدَ شَمْسٍ.
اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي مَنَاقِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ : قُلْت لِأَبِي هُرَيْرَةَ لِمَ كُنِّيت أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَمَا تَفْرَقُ مِنِّي قُلْت بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأَهَابُك , قَالَ : كُنْت أَرْعَى غَنَمَ أَهْلِي وَكَانَتْ لِي هُرَيْرَةٌ صَغِيرَةٌ فَكُنْت أَضَعُهَا بِاللَّيْلِ فِي شَجَرَةٍ فَإِذَا كَانَ النَّهَارُ ذَهَبْت بِهَا مَعِي فَلَعِبْت بِهَا فَكَنَّوْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ , هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
‏ ‏فَائِدَةٌ : اُخْتُلِفَ فِي صَرْفِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْعِهِ , قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ.
جَرُّ هُرَيْرَةَ هُوَ الْأَصْلُ وَصَوَّبَهُ جَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ جُزْءُ عَلَمٍ , وَاخْتَارَ آخَرُونَ مَنْعَ صَرْفِهِ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ ; لِأَنَّ الْكُلَّ صَارَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ اِنْتَهَى , قُلْت وَقَدْ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْعَهُ مِنْ الصَّرْفِ هُوَ الْجَارِي عَلَى أَلْسِنَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَالرَّاجِحُ هُوَ مَنْعُهُ مِنْ الصَّرْفِ , وَكَانَ هُوَ الْجَارِيَ عَلَى أَلْسِنَةِ جَمِيعِ شُيُوخِنَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ وَأَدْخَلَهُمْ جَنَّةَ الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى , وَيُؤَيِّدُ مَنْعَ صَرْفِهِ مَنْعُ صَرْفِ اِبْنِ دَايَةَ عَلَمًا لِلْغُرَابِ , قَالَ قَيْسُ بْنُ مُلَوَّحٍ الْمَجْنُونُ.
أَقُولُ وَقَدْ صَاحَ اِبْنُ دَايَةَ غَدْوَةً بِبُعْدِ النَّوَى لَا أَخْطَأَتْك الشَّبَائِكُ ‏ ‏قَالَ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الْمُسَمَّى بِأَنْوَارِ التَّنْزِيلِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } رَمَضَانُ مَصْدَرُ رَمَضَ إِذَا اِحْتَرَقَ فَأُضِيفَ إِلَيْهِ الشَّهْرُ وَجُعِلَ عَلَمًا وَمُنِعَ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْأَلِفِ وَالنُّونِ كَمَا مُنِعَ دَايَةُ فِي اِبْنِ دَايَةَ عَلَمًا لِلْغُرَابِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ اِنْتَهَى.
‏ ‏فَائِدَةٌ : قَدْ تَفَوَّهَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا , وَقَوْلُهُمْ هَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِمْ , وَقَدْ صَرَّحَ أَجِلَّةُ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ فَقِيهًا , قَالَ صَاحِبُ السِّعَايَةِ شَرْحِ شَرْحِ الْوِقَايَةِ : وَهُوَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ مِنْهُمْ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ غَيْرَ فَقِيهٍ , مَا لَفْظُهُ : كَوْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرَ فَقِيهٍ غَيْرُ صَحِيحٍ , بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اِبْنُ الْهُمَامِ فِي تَحْرِيرِ الْأُصُولِ وَابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ فِي أَحْوَالِ الصَّحَابَةِ اِنْتَهَى.
وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي نُورِ الْأَنْوَارِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ فَقِيهًا صَرَّحَ بِهِ اِبْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ , كَيْفَ وَهُوَ لَا يَعْمَلُ بِفَتْوَى غَيْرِهِ , وَكَانَ يُفْتِي بِزَمَنِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَكَانَ يُعَارِضُ أَجِلَّةَ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ قَالَ : إِنَّ عِدَّةَ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ فَرَدَّهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَفْتَى بِأَنَّ عِدَّتَهَا وَضْعُ الْحَمْلِ , كَذَا قِيلَ.
اِنْتَهَى.
‏ ‏قُلْت : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى , قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ : أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ الْيَمَانِيُّ الْحَافِظُ الْفَقِيهُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ الْعِلْمِ وَمِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى مَعَ الْجَلَالَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالتَّوَاضُعِ.
اِنْتَهَى ‏ ‏وَقَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ : ثُمَّ قَامَ بِالْفَتْوَى بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرْكُ الْإِسْلَامِ وَعِصَابَةُ الْإِيمَانِ وَعَسْكَرُ الْقُرْآنِ وَجُنْدُ الرَّحْمَنِ أُولَئِكَ أَصْحَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانُوا بَيْنَ مُكْثِرٍ مِنْهَا وَمُقِلٍّ وَمُتَوَسِّطٍ وَكَانَ الْمُكْثِرُونَ مِنْهُمْ سَبْعَةً : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , وَالْمُتَوَسِّطُونَ مِنْهُمْ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ الْفُتْيَا : أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ.
إِلَخْ , فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ فَقِيهًا مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَمِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى.
‏ ‏فَإِنْ قِيلَ : قَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ أَيْضًا إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا وَالنَّخَعِيُّ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ.
قُلْت : قَدْ نُقِمَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ لِقَوْلِهِ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا , قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ فِي تَرْجَمَتِهِ : وَكَانَ لَا يُحْكِمُ الْعَرَبِيَّةَ رُبَّمَا لَحَنَ وَنَقَمُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ لَمْ يَكُنْ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقِيهًا.
اِنْتَهَى.
‏ ‏عِبْرَةٌ : قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ فِي بَحْثِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عُمَرَ وَلَمْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ , وَإِنَّمَا كَانَا صَالِحَيْنِ فَرِوَايَتُهُمَا إِنَّمَا تُقْبَلُ فِي الْمَوَاعِظِ لَا فِي الْأَحْكَامِ , وَهَذِهِ جُرْأَةٌ عَلَى اللَّهِ وَاسْتِهْزَاءٌ فِي الدِّينِ عِنْدَ ذَهَابِ حَمَلَتِهِ وَفَقْدِ نَصَرَتِهِ ; وَمَنْ أَفْقَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ ؟ وَمَنْ أَحْفَظُ مِنْهُمَا خُصُوصًا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ بَسَطَ رِدَاءَهُ وَجَمَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ فَمَا نَسِيَ شَيْئًا أَبَدًا وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْمُعَافَاةَ مِنْ مَذْهَبٍ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالطَّعْنِ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَلَقَدْ كُنْت فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ مِنْ مَدِينَةِ السَّلَامِ فِي مَجْلِسِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّامَغَانِيِّ قَاضِي الْقُضَاةِ , فَأَخْبَرَنِي بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَدْ جَرَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهَا بَعْضُهُمْ يَوْمًا وَذَكَرَ هَذَا الطَّعْنَ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ فَسَقَطَ مِنْ السَّقْفِ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَتْ فِي سَمْتِ الْمُتَكَلِّمِ بِالطَّعْنِ وَنَفَرَ النَّاسُ وَارْتَفَعُوا وَأَخَذَتْ الْحَيَّةُ تَحْتَ السَّوَارِي فَلَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَتْ , فَاِرْعَوى مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ مِنْ التَّرَسُّلِ فِي هَذَا الْقَدْحِ.
اِنْتَهَى.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عُثْمَانَ وَثَوْبَانَ وَالصُّنَابِحِيِّ وَعُمَرَ وَابْنِ عَبَسَةَ وَسَلْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ) ‏ ‏أَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانَ : فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ : قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ " وَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَا عِلَّةَ لَهُ وَالصُّنَابِحِيُّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ لِلْمُنْذِرِيِّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ , وَأَمَّا حَدِيثُ سَلْمَانَ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ بِلَفْظِ : إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ تَحَاتَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحَاتَّ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ ‏ ‏وَفِي الْبَابِ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى الْمَذْكُورِينَ ذَكَرَ أَحَادِيثَهُمْ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.
‏ ‏قَوْلُهُ : ( وَالصُّنَابِحِيُّ هَذَا الَّذِي رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ الطُّهُورِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ ) ‏ ‏هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَيْسَتْ فِي النُّسَخِ الْمَطْبُوعَةِ , إِنَّمَا هِيَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْقَلَمِيَّةِ الصَّحِيحَةِ , وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَمَضْمَضَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ فِيهِ , الْحَدِيثَ.
قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : قَدْ اُخْتُلِفَ عَلَى عَطَاءٍ فِيهِ , قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ , كَذَا فِي الْمُحَلَّى , وَقَالَ الْبُخَارِيُّ : وَهَمَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ , وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ , كَذَا فِي إِسْعَافِ الْمُبْطَأِ ‏ ‏( وَالصُّنَابِحِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لَيْسَ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ) ‏ ‏قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ بِمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرًا الْمُرَادِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ.
مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
اِنْتَهَى ‏ ‏( رَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ ) ‏ ‏رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّهُ قَالَ : مَتَى هَاجَرْت ؟ قَالَ خَرَجْنَا مِنْ الْيَمَنِ مُهَاجِرِينَ فَقَدِمْنَا الْجُحْفَةَ فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ فَقُلْت لَهُ الْخَبَرَ الْخَبَرَ , فَقَالَ دَفَنَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ خَمْسٍ , قُلْت : هَلْ سَمِعْت فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ شَيْئًا قَالَ : أَخْبَرَنِي بِلَالٌ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فِي السَّبْعِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ‏ ‏( وَالصُّنَابِحُ بْنُ الْأَعْسَرِ الْأَحْمَسِيُّ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ الصُّنَابِحِيُّ أَيْضًا ) ‏ ‏قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : الصُّنَابِحُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ نُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ اِبْنُ الْأَعْسَرِ الْأَحْمَسِيُّ صَحَابِيٌّ سَكَنَ الْكُوفَةَ , وَمَنْ قَالَ فِيهِ الصُّنَابِحِيَّ فَقَدْ وَهَمَ.
اِنْتَهَى ‏ ‏( وَإِنَّمَا حَدِيثُهُ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ ) ‏ ‏قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ : كَاثَرْتُهُ أَيْ غَلَبْته وَكُنْت أَكْثَرَ مِنْهُ , يَعْنِي إِنِّي أُبَاهِي بِأَكْثَرِيَّةِ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ‏ ‏( فَلَا تَقْتَتِلُنَّ بَعْدِي ) ‏ ‏بِصِيغَةِ النَّهْيِ الْمُؤَكَّدِ بِنُونِ التَّأْكِيدِ مِنْ الِاقْتِتَالِ , قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ السِّنْدِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ تَرَتُّبِ قَوْلِهِ لَا تَقْتَتِلُنَّ بَعْدِي عَلَى الْمُكَاثَرَةِ ؟ قُلْت وَجْهُهُ أَنَّ الِاقْتِتَالَ مُوجِبٌ لِقَطْعِ النَّسْلِ إِذْ لَا تَنَاسُلَ مِنْ الْأَمْوَاتِ فَيُؤَدِّي إِلَى قِلَّةِ الْأُمَّةِ فَيُنَافِي الْمَطْلُوبَ , فَلِذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ; فَإِنْ قُلْت : الْمَقْتُولُ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ فَلَا وَجْهَ لِقَطْعِ النَّسْلِ بِسَبَبِ الِاقْتِتَالِ قُلْت : إِمَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الِاقْتِتَالِ مُفْضٍ بِقَطْعِ النَّسْلِ فَالنَّسْلُ بِاعْتِبَارِ فِعْلِهِمْ الِاخْتِيَارِيِّ أَوْ يُقَالُ يَكُونُ لَهُمْ أَجَلَانِ أَجَلٌ عَلَى تَقْدِيرِ الِاقْتِتَالِ وَأَجَلٌ بِدُونِهِ , وَيَكُونُ الثَّانِي أَطْوَلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَبِالِاقْتِتَالِ يَقْصُرُ الْأَجَلُ فَتَقِلُّ الْأُمَّةُ , وَهَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا أَجَلٌ وَاحِدٌ اِنْتَهَى كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ.
وَحَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ هَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ 351 ج 4 بِأَلْفَاظٍ.
‏ ‏تَنْبِيهٌ : ‏ ‏اِعْلَمْ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ الْمَذْكُورِ أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الصُّنَابِحِيَّ الَّذِي رَوَى فِي فَضْلِ الطُّهُورِ صَحَابِيٌّ , وَالثَّانِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ الصُّنَابِحِيَّ هَذَا غَيْرُ الصُّنَابِحِيِّ الَّذِي اِسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ , لَكِنَّهُ لَيْسَ هَذَانِ الْأَمْرَانِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِمَا , بَلْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا اِخْتِلَافٌ , قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُودِهِ , فَقِيلَ صَحَابِيٌّ مَدَنِيٌّ , وَقِيلَ هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ , وَقَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي مَرَاسِيلِهِ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ هُمْ ثَلَاثَةٌ فَاَلَّذِي يَرْوِي عَنْهُ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ وَلَمْ تَصِحَّ صُحْبَتُهُ اِنْتَهَى.
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي إِسْعَافِ الْمُبْطَأِ : عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ , رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , وَعَنْهُ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ , وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَهَمَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ , وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ , وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : عَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ يَرْوِي عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ لَهُ صُحْبَةٌ.
اِنْتَهَى ‏
الحديث بالسند الكامل مع التشكيل
‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏قُتَيْبَةُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَالِكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ ‏ ‏أَوْ الْمُؤْمِنُ ‏ ‏فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ ‏ ‏أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ أَوْ نَحْوَ هَذَا ‏ ‏وَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ ‏ ‏بَطَشَتْهَا ‏ ‏يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ ‏ ‏أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ ‏ ‏حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏هَذَا ‏ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ‏ ‏وَهُوَ حَدِيثُ ‏ ‏مَالِكٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سُهَيْلٍ ‏ ‏عَنْ أَبِيهِ عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏وَأَبُو صَالِحٍ ‏ ‏وَالِدُ ‏ ‏سُهَيْلٍ ‏ ‏هُوَ ‏ ‏أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ ‏ ‏وَاسْمُهُ ‏ ‏ذَكْوَانُ ‏ ‏وَأَبُو هُرَيْرَةَ ‏ ‏اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَقَالُوا ‏ ‏عَبْدُ شَمْسٍ ‏ ‏وَقَالُوا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ‏ ‏وَهَكَذَا ‏ ‏قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ ‏ ‏وَهُوَ الْأَصَحُّ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أَبُو عِيسَى ‏ ‏وَفِي ‏ ‏الْبَاب ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ‏ ‏وَثَوْبَانَ ‏ ‏وَالصُّنَابِحِيِّ ‏ ‏وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ ‏ ‏وَسَلْمَانَ ‏ ‏وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏ ‏وَالصُّنَابِحِيُّ ‏ ‏الَّذِي رَوَى عَنْ ‏ ‏أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ‏ ‏لَيْسَ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَاسْمُهُ ‏ ‏عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُسَيْلَةَ وَيُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ‏ ‏رَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقُبِضَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ وَقَدْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَحَادِيثَ ‏ ‏وَالصُّنَابِحُ بْنُ الْأَعْسَرِ الْأَحْمَسِيُّ ‏ ‏صَاحِبُ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُقَالُ لَهُ ‏ ‏الصُّنَابِحِيُّ ‏ ‏أَيْضًا ‏ ‏وَإِنَّمَا حَدِيثُهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ فَلَا تَقْتَتِلُنَّ بَعْدِي ‏



الموضوع الأصلي : حديث إذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطش     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

p]de Y`h ysg d]di ov[j lk ;g o'dzm f'a

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21837
إيثار نبي الرحمة حول العدو صديقا https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21836&goto=newpost Sun, 21 Apr 2024 03:35:19 GMT لقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلًا أعلى في التربية، وتنشئة الرجال، والإيثار، وكيف أنه كان لا ينتصر لنفسه؛ بل كان يتَعَالى عن مثل هذه...
لقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلًا أعلى في التربية، وتنشئة الرجال، والإيثار، وكيف أنه كان لا ينتصر لنفسه؛ بل كان يتَعَالى عن مثل هذه التفاهات، ولا همَّ له إلا انتشالُ البشريَّة من الضلال إلى الهُدى، ومن جَوْر الأديان إلى عدْل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سَعة الدنيا والآخرة، بأبي هو وأمي.

فكثيرةٌ هي المواقفُ التي أظهرتْ حُسنَ خُلُق النبي الكريم، ومدى ترفُّعه عن الانتقام لنفسه، وإيثاره الدعوةَ إلى الله على نفسه، فقد عُرضتْ عليه الدنيا بأكملها، عَرضوا عليه المال، والمُلك، والجاه، والنساء، وأن يعالجوه إن كان به مرضٌ، إلا أنه صرَّح بمبدئه ومبتغاه قائلًا: ((والله يا عمِّ، لو وضعوا الشمسَ في يميني، والقمرَ في يساري، على أن أترك هذا الأمرَ، لن أتركه أبدًا، حتى يُظهرَه الله، أو أهلِكَ دونه))، ومن هنا شجَّعه عمُّه على المسير في طريق دعوته قائلًا:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِينَا
لَوْلاَ المَلاَمَةُ أَوْ حِذَارُ مَسَبَّةٍ لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينَا
وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينَا
فَاصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ وَابْشِرْ وَقَرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيُونَا
أحقاد ما بعد بدر

بعد غزوة بدرٍ اشتعل الحنقُ والحقد هنا وهناك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، الكلُّ يريد التخلُّصَ من هذا الدِّين الجديد، الذي انتصر أصحابُه في بدر، وصاروا من وجهة نظر أرباب السلطة والمادية خطرًا على موقعهم وتجارتهم، بعد بدر، وما أدراك ما يوم بدر؟! يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، وما أصاب المشركين فيه من خزيٍ وذلٍّ على أيدي الصَّحب الكرام، الذي قاتلوا ببسالة يوم ذاك.

وكذلك قَلِقت القبائلُ المجاورة لمكة من أصحاب الدين الجديد، وخافوا على تجارتهم وسيادتهم، فكانوا لا يألون جهدًا في المعاونة في إيذاء المسلمين.
مؤامرةٌ بَطَلاها: عُمير وصفوان

عمير بن وهب، كان واحدًا من قادة قريش، وبطلًا من أبطالها، كان حادَّ الذكاء، وداهيةَ حرب، أقبل عمير بن وهب على صفوان بن أمية وهو جالس في حِجر الكعبة، وأخذا يتحدَّثان فيما نزل بأهل مكة يوم بدر من خزي وعار على أيدي فرسان بدر من الصحابة الكرام.

فقال صفوان بن أمية: قبَّح الله العيش بعد قتلى بدر!

فقال له عمير: صدقتَ، والله ما في العيش خير بعدهم، ولولا دَيْنٌ عليَّ لا أملك قضاءه، وعيالٌ أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبتُ إلى محمد حتى أقتله؛ فإن لي عنده علةً أعتلُّ بها عليه، أقول: قدمتُ من أجل ابني هذا الأسير، وكان ابنه وهب بن عمير قد أُسِر يوم بدر.

ففرح صفوان بن أمية، وقال له: عليَّ دَينُك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم وأرعاهم.

فقال عمير لصفوان: اكتُم خبري أيامًا حتى أصل إلى المدينة، ثم جهز عمير سيفَه وسَنَّه، وجعله حادًّا، ووضع فيه السُّمَّ، ثم انطلق حتى وصل إلى المدينة.

وما أن هلَّ عمير على أبواب المدينة، حتى رآه عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال: هذا الشيطان عمير بن وهب، واللهِ ما جاء إلا لشرٍّ، وربط عمير راحلتَه عند باب المسجد، وأخذ سيفه، يريد أن يتوجه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

فأسرع عمرُ إلى رسول الله وقال: يا نبي الله، هذا عدوُّ الله عمير بن وهب جاء رافعًا سيفه، لا تأمنه على شيء.

فقال - عليه الصلاة والسلام - لعمرَ: ((أدْخله عليَّ)).

فخرج عمر، وأمر بعض الصحابة أن يدخلوا إلى رسول الله، ويحترسوا من عمير، وأمسك عمر بحمالة سيف عمير بن وهب، ودخل به على رسول الله.

فقال له رسول الله: ((أرسله يا عمر))، وقال لعمير: ((ادْنُ يا عمير)).

فاقترب عمير من الرسول الكريم، وحيَّاه بتحية الجاهلية قائلًا: نعموا صباحًا.

فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((قد أكرمَنَا الله بتحيَّةٍ خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة)).
ثم سأله رسول الله: ((ما جاء بك يا عمير؟)).
فقال عمير: جئتُ لهذا الأسير الذي عندكم - يقصد ابنه وهبًا - تفادونا في أسرانا؛ فإنكم العشيرة والأهل.

فقال النبي: ((فما بال السيف في عنقك؟)).

قال عمير: قبَّحها الله من سيوف، وهل أغنتْ عنا شيئًا؟! - يعني: يوم هزيمتهم في بدر.
ثم قال الرسول الكريم: ((اصدُقني يا عمير، ما الذي جئتَ له؟)).

فقال عمير: "ما جئت إلا في طلب أسيري".

فقال الرسول: ((بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في حِجر الكعبة، ثم قلتَ: لولا دَينٌ عليَّ وعيال عندي، لخرجتُ حتى أقتل محمدًا، فتحمَّل لك صفوان ذلك، والله حائلٌ بينك وبين ذلك)).

فقال عمير: "أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، كنَّا يا رسول الله نكذبك بالوحي، وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر، لم يطَّلع عليه أحدٌ، فأخبرك الله به، فالحمد لله الذي هداني للإسلام".

ففرح المسلمون بإسلام عمير فرحًا شديدًا، فقال الرسول لأصحابه: ((علِّموا أخاكم القرآن، وأطلِقوا أسيرَه))؛ (بتصرف من "سيرة ابن هشام"، و"تاريخ الطبري").

هكذا أسلم عمير بن وهب، وأصبح واحدًا من أولئك الذين أنعم الله عليهم بالهدى والنور، يقول عنه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما أسلم: والذي نفسي بيده، لخنزيرٌ كان أحبَّ إليَّ من عمير حين طلع علينا (حين رآه في المدينة وهو قادم على الرسول ليقتله)، ولهو اليوم أحبُّ إليَّ من بعض ولدي.
عُمير الداعية

وبعد أيامٍ قليلة، ذهب عمير بن وهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه أن يأذن له في السَّير في طريق الدعوة إلى الله - تعالى - فقال: "يا رسول الله، إني كنتُ جاهدًا على إطفاء نور الله، شديدَ الأذى لمن كان على دين الله، وإني أحب أن تأذن لي فألحق بقريش، فأدعوهم إلى الإسلام، لعل الله أن يهديهم"، فأذِنَ له الرسول الكريم في ذلك.

وفي الوقت الذي آمن فيه عمير بالمدينة، كان صفوان بن أمية يقول لقريش: أبشروا بفتحٍ يأتيكم بعد أيام يُنسيكم وقعةَ بدر، وكان صفوان يخرج كلَّ صباح إلى مشارف مكة يسأل القوافل القادمة من المدينة: ألم يحدثْ بالمدينة أمرٌ؟ هل قُتل محمد؟ وظلَّ على هذا النحو حتى قال له رجل قدم من المدينة: لقد أسلم عُمير، فغضب صفوان أشدَّ الغضب، وحلَفَ ألاَّ يكلِّم عميرًا أبدًا، ولا يعطي له ولا لأولاده شيئًا.

وعاد عُمير بن وهب إلى مكة مسلمًا، وراح يدعو كلَّ مَن يقابله من أهل مكة إلى الإسلام، فأسلم على يديه عددٌ كبير، ورأى صفوانَ بن أمية، فأخذ ينادي عليه، فأعرض عنه صفوان، فسار إليه عُمير وهو يقول بأعلى صوته: يا صفوان، أنت سيد من سادتنا، أرأيتَ الذي كنا عليه من عبادة حَجرٍ والذبح له؟ أهذا دين؟! اشهَدْ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فلم يردَّ عليه بكلمة.
عُمير ينقذ صفوان من الضلال

وفي يوم فتح مكة، لم ينسَ عميرٌ صاحبَه وابنَ عمه صفوانَ بنَ أميَّة، فراح يدعوه إلى الإسلام، فشدَّ صفوان رحاله نحو جدة، ليذهب منها إلى اليمن، وصمم عُمير أن يسترد صفوان من يد الشيطان بأي وسيلة، وذهب إلى الرسول مسرعًا، وقال له: يا نبي الله، إن صفوان بن أمية سيد قومه، قد خرج هاربًا منك، ليقذف بنفسه في البحر، فأمِّنْه (أي: أعطه الأمان)، فقال النبي: ((قد أمَّنتُه))، فقال عمير: يا رسول الله، أعطني آية (علامة) يعرف بها أمانك، فأعطاه الرسول عمامته التي دخل بها مكة.

فخرج عمير بها حتى أدرك صفوانَ وهو يريد أن يركب البحر، فقال: يا صفوان، فداك أبي وأمي، اللهَ الله في نفسك أنْ تُهلكها، هذا أمان رسول الله قد جئتُك به، فقال له صفوان: ويحَك، اغرُبْ عني فلا تكلِّمْني، فقال عمير: أيْ صفوانُ، فداك أبي وأمي، إن رسول الله أفضلُ الناسِ، وأبرُّ الناس، وأحلمُ الناس، عزُّه عزُّك، وشرفُه شرفُك، فقال صفوان: إني أخاف على نفسي، فقال عمير: هو أحلم من ذاك وأكرمُ.

ثم رجع معه وذهبَا معًا إلى رسول الله، فقال صفوان للنبي: إن هذا يزعم أنك قد أمَّنتني، فقال الرسول: ((صدق))، فقال صفوان: فاجعلني فيه - أي: في الأمان - بالخيار شهرين، فقال الرسول: ((بل لك تسير أربعة أشهر))؛ (بتصرف من "سيرة ابن هشام").

وتحقَّقت أمنية عمير وأسلم صفوان بن أمية، وسَعِد عمير بإسلامه، وواصل عمير بن وهب مسيرتَه في نصرة الإسلام، حتى أصبح من أحبِّ الناس إلى رسول الله، ونال عمير احترام خلفاء الرسول من بعده، وعاش حتى خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم جميعًا.
إنه حقًّا نبي الرحمة

هكذا آتتْ دعوةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُكُلَها، فلَيتنا نتعلَّم من رسولنا الكريم، ونؤثِر الأخذ بيد البشرية من الظلمات إلى النور على هوانا والانتصار لأنفسنا، حيث قال ربُّنا - جل وعلا -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].

وقال - سبحانه - أيضًا مخاطبًا رسولَه الكريم، ونحن معنيون بالخطاب معه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].

وليت الذين تأخذهم العصبيةُ والعنجهية، فيتعصَّبوا لتوجهاتهم أو مذهبهم، ليتهم يقتدون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصداقًا لقول ربِّنا - تبارك وتعالى -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
الموضوع الأصلي : إيثار نبي الرحمة حول العدو صديقا     -||-     المصدر :     -||-     الكاتب : نور

Ydehv kfd hgvplm p,g hgu], w]drh

]]>
عطر الرسول و الصحابة الكرام نور https://www.g-3e6r.com/vb/showthread.php?t=21836