من أحداث الهجرة 6

أحداث , الهجرة

من أحداث الهجرة 6

من أحداث الهجرة .... (6)

"الوصول"

وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضى الله عنه إلى قباء حين اشتد الضحى وكادت الشمس أن تعتدل ، وقباء قرب المدينة المنورة من جهة الجنوب بنحو ميلين ، أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قباء فى بنى عمرو بن عوف عدة أيام ، وأسس مسجدهم"مسجد قباء" ثم خرج عنهم يوم الجمعة حين ارتفع النهار.

أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة فى بنى سالم ابن عوف فصلاها فى بطن وادى رانوناء، فكانت أول جمعة صلاها فى المدينة.
"عيون الأثر1/313"

ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى باطن المدينة "مدينته صلى الله عليه وسلم " ليلا ؛ فتنازع القوم أيهم ينزل عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الليلة على بنى النجار أخوال عبد المطلب لأكرمهم بذلك ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ركب ناقته ، وأرخى زمامها ؛ فكانت لا تمر بدار من دور الأنصار إلا دعاه أهلها إلى النزول عندهم وقالوا:هلم يا رسول الله إلى العدد والعدة فيقول صلى الله عليه وسلم : "خلوا سبيلها فإنها مأمورة" ،حتى انتهى إلى موضع مسجده اليوم ، فبركت على باب المسجد ، وهو يومئذ مربد للتمر، فلم ينزل عنها ، فوثبت ، فسارت غير بعيد ، ثم رجعت إلى مبركها الأول ، فبركت فيه ووضعت جرانها "عنقها" على الأرض ؛ فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمل أبو أيوب رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فنزل صلى الله عليه وسلم فى دار أبى أيوب الأنصارى،وقال صلى الله عليه وسلم:"المرء مع رحله".

■ خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى النجار بالإكرام لأنهم أخوال عبد المطلب جده ، وذلك لأن هاشم بن عبد مناف تزوج امرأة من بنى عدى بن النجار وهى سلمى بنت عمرو ، فولدت له عبد المطلب. " انظر وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودى ج1ص440"

■ أبو أيوب الأنصارى هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة وهو من بنى النجار،شهد المشاهد كلها مع النبى صلى الله عليه وسلم،قدم أبو أيوب على عبد الله بن عباس فى البصرة ففرغ له بيته وقال: لأصنعن بك ما صنعت برسول الله صلى الله عليه وسلم،توفى رحمه الله سنة اثنتين وخمسين من الهجرة فى خلافة معاوية."انظرالمستدرك ج6ح (6063)"

(... أقام -- رسول الله صلى الله عليه وسلم -- فى منزل أبى أيوب حتى بنى حجره ومسجده ، وبعث رسول صلى الله عليه وسلم وهو فى منزل أبى أيوب زيد بن حارثة وأبا رافع، وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتيه ، وسودة بنت زمعة زوجته ، وأسامة ابن زيد وأمه أم أيمن ،وأما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يمكنها زوجها أبو العاص بن الربيع من الخروج ، وخرج عبد الله بن أبى بكر معهم بعيال أبى بكر ، ومنهم عائشة فنزلوا فى بيت حارثة بن النعمان.)
"زاد المعاد ج3ص55"

وكان المسلمون قد هاجروا أرسالا"يتبع بعضهم بعضا" ولم يهاجروا دفعة واحدة ، فعن البراء بن عازب رضى الله عنه قال : (أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وكانا يقرئان الناس فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر ثم قدم عمر بن الخطاب فى عشرين من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ثم قدم النبى صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشىء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعل الإماء يقلن : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ...).
"البخارى ج2 ح (3925) مكتبة مصر"
"وتفصيل ترتيب المهاجرين انظر الدرر فى اختصار المغازى والسير لابن عبد البر- ص81 وما بعدها"

وممن لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن أبى طالب رضى الله عنه وكرم وجهه بعد أن أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤدى الودائع التى كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابها ففعل على رضى الله عنه ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان على رضى الله عنه يسير الليل ويكمن النهار حتى تفطرت"تشققت" قدماه، ووصل إلى قباء ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخرج منها بعد ،وأيضا لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم صهيب بن سنان رضى الله عنه.

قال أنس : (شهدت يوم دخول النبى صلى الله عليه وسلم المدينة فلم أر يوما أحسن منه ولا أضوأ.)
"عيون الأثر ج1 ص313"

وقال ابن عباس : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأمر بالهجرة وأنزل عليه : {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا} [الإسراء : 80]
قال قتادة : أخرجه الله من مكة إلى المدينة مخرج صدق ونبى الله يعلم أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان ، فسأل الله سلطانا نصيرا ، وأراه الله عز وجل دار الهجرة،وهو بمكة فقال : "أريت دار هجرتكم بسبخة ذات نخل بين لابتين ")
"زاد المعاد ج3ص54"

وفى البخارى عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:("قد أريت دار هجرتكم رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان") "البخارى ج1ح(2297)"

■ السبخة : الأرض المالحة.
■ لابتان : طرفان.
■ الحرة : أرض حجارتها سود.

وقال صلى الله عليه وسلم : (رأيت فى المنام أنى أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلى إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هى المدينة يثرب).
"البخارى ج2ح(3622)"
■ وهلى : وهمى واعتقادى.
■ هجر : مدينة معروفة.

قال ابن كثير : (والظاهر أن بين خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة ودخوله المدينة خمسة عشر يوما لأنه أقام بغار ثور ثلاثة أيام ، ثم سلك طريق الساحل وهى أبعد من الطريق الجادة .....)
"البداية والنهاية ج3ص 190"

وكان دليلهما عبد الله بن أريقط ماهرا خبيرا سلك طريق السواحل ، قال ابن هشام : (فلما خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقط ، سلك بهما أسفل مكة ، ثم مضى بهما على الساحل ، حتى عارض الطريق أسفل من عسفان .............. ثم هبط بهما العرج ، وقد أبطأ عليهما بعض ظهرهم"إبلهم"، فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أسلم ، يقال له : أوس بن حجر ، على جمل له - يقال له : ابن الرداء - إلى المدينة ، وبعث معه غلاما له ، يقال له : مسعود بن هنيدة ، .. ثم خرج بهما دليلهما من العرج ، فسلك بهما ثنية العائر .. حتى هبط بهما بطن رئم ، ثم قدم بهما قباء ، على بنى عمرو بن عوف،لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين ، حين اشتد الضحاء ، وكادت الشمس تعتدل)
"السيرة النبوية لابن هشام ج2ص90"

■ الضحاء : الضحى، يرتفع النهار ويشتد وقد الشمس.
"إمتاع الأسماع ج1ص64 "

ذكر السهيلى أن أبا بكر رضى الله عنه قال لمسعود غلام أوس ابن حجر : (أئت أبا تميم ، فقل له : يحملنى على بعير ويبعث إلينا بزاد ، ودليل يدلنا ، ففى هذا أن أوسا كان يكنى أبا تميم)
"الروض الأنف ج2ص329"

ويفهم من هذا وجود "دليل" جديد فى رحلة الهجرة ، فلم يكن عبد الله بن أريقط هو الدليل الوحيد طوال الرحلة.

وقال ابن عبد البر فى ذلك : (ولما أتوا إلى موضع يسمى العرج《على نحو ثمانين ميلا من المدينة》 وقف بهم بعض ظهرهم《إبلهم》، فألفوا رجلا من أسلم يقال له أوس بن حجر ، فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على جمل له ، وبعث معه غلاما له يقال له مسعود بن هنيدة ليرده إليه من المدينة ، فاحتملوا《رحلوا》إلى بطن رئم حتى نزلوا بقباء ...)
"الدرر لابن عبد البر-- ص91"

ومما يذكر أن "بريدة" الذى قابل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الطريق كان من "أسلم" فهو أسلمى كأوس بن حجر ، ولعل أوس بن حجر كان ممن أسلموا مع بريدة إذ ذكرت المصادر أن بريدة كان فى سبعين من قومه أسلموا جميعا؛ فحمد بريدة الله على أنهم أسلموا طائعين غير مكرهين.

واللجوء لمثل أوس بن حجر الأسلمى أمر منطقى ؛ فالطريق طويل وشاق،والجو شديد الحرارة، والحاجة ماسة إلى الراحة والتقاط الأنفاس ، والحصول على طعام ، وإراحة الرواحل ، وربما للمزيد ممن هم خبراء بالدروب والطرق الخفية لتأمين الطريق ..... من وقت لآخر.

ولعل هذا مما جعل"أسلم" موضع ثناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ابن سعد : ( قدم عمير بن أفصى فى عصابة من أسلم فقالوا : قد آمنا بالله ورسوله واتبعنا منهاجك فاجعل لنا عندك منزلة تعرف العرب فضيلتها، فإنا أخوة الأنصار ولك علينا الوفاء والنصر فى الشدة والرخاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها")
"طبقات ابن سعد ج1ص305"

وذكر الحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله.."
"المستدرك على الصحيحين ج7 ح(7177)"

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه رضى الله عنهم المدينة فى ثياب بيضاء ، كساهم إياها الزبير وكان فى ركب من تجار قافلين من الشام.

والثياب البيضاء رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أكثر من موضع ؛ فعن ابن عباس قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالبياض من الثياب ليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم، فإنها من خير ثيابكم)
وعن سمرة بن جندب قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب ، وكفنوا فيها موتاكم")
"الشمائل للترمذى ص38"

ووصفت ثياب الملائكة فى أحاديث عدة بأنها بيضاء؛ ففى مسلم ( حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة.حدثنا محمد ابن بشر وأبو أسامة، عن مسعر ، عن سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن سعد قال : رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد ، رجلين عليهما ثياب بياض. ما رأيتهما قبل ولا بعد.يعنى جبريل وميكائيل عليهما السلام.)
"صحيح مسلم ج2ح(2306) مكتبة مصر"

وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرنى عن الإسلام ... قال لى يا عمر أتدرى من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال : "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم")
"مسلم ج1ح(8) كتاب الإيمان"

وبوصول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تستمر التوجيهات النبوية فكان من أول أقواله صلى الله عليه وسلم : "أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام."

صلى عليه إلهى كلما بزغت ...
شمس وماحنت الأرواح للحرم
وآله الغر والأصحاب قاطبة ..
والتابعين ومن يدعو لنهجهم
"شرح الدرة الثمينة د.محمد الأهدل ص14"

صلى الله عليه وسلم.

الموضوع الأصلي: من أحداث الهجرة 6 || الكاتب: آلشريف إلراضي || المصدر: منتديات غيمة عطر

منتديات غيمة عطر

---

lk Hp]he hgi[vm 6

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته

جزاكم الله خيرا على الموضوع المفيد المميز بارك الله فيكم وجعله الله في ميزان حسناتكم يا رب العالمين دمتم ودام اعطاكم وواجدكم ومواضيعكم تحياتي

جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك