إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له والحمد لله كما ينبغى لجلال
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له والحمد لله كما ينبغى لجلال وجهه الكريم ولعظيم سلطانه
والحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة
والحمد لله ملؤ السماوات وملؤ الأرض وملؤ ما بينهما
الذى هدانا لنعمة الإسلام وما كنا لنهتدى
لولا أن هدانا الله
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً رسول الله النبى المختار
والنعمة المهداه الذى بلغ الرسالة وأدى الأمانه
عليه أفضل صلاة وأزكى سلام وعلى آله الأطهار
وصحبه الأخيار وعلى كل من والاه إلى يوم الدين
فإن خير الكلام كلام الله تعالى
وخير الهدى هدي محمد - صلى الله عليه وسلم
وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة
وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
سورة التكاثر 102/114
التعريف بالسورة :
1) مكية .
2) من المفصل .
3) آياتها 8 .
4) ترتيبها بالمصحف الثانية بعد المائة .
5) نزلت بعد سورة الكوثر .
6) بدأت السورة بفعل ماضي ( ألهاكم )
لم يُذْكَر لفظ الجلالة في السورة .
7) الجزء (30) ـ الحزب ( 60) ـ الربع ( 8) .
محور مواضيع السورة :
يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ انْشِغَالِ النَّاسِ
بمُغْرِيَاتِ الحَيَاةِ وَتَكَالُبـِهِمْ عَلَى جَمْعِ حُطَامِ الدُّنْيَا
حَتَّى يَقْطَعَ المَوْتُ عَلَيْهِمْ مُتْعَتَهُمْ
وَيَأْتـِيهِمْ فَجْأَةً وَبَغْتَةً فَيَنْقِلُهُمْ مِنَ القُصُورِ إلى القُبُورِ
وَقَدْ تَكَرَّرَ في هَذِهِ السُّورَةِ الزَّجْرُ وَالإِنْذَارُ
تَخْوِيفَاً لِلنَّاسِ وَتَنْبِيهَاً لَهُمْ عَلَى خَطَئِهِمْ
باشْتِغَالِهِمْ بالفَانِيَةِ" الدُّنْيَا" عَنِ البَاقِيَةِ" الآخِرَةِ ( كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ )
وَخُتِمَتِ السُّورَةُ الكَرِيمَةُ بِبَيَانِ المَخَاطِرِ وَالأَهْوَالِ
الَّتِي سَيَلْقَوْنَهَا في الآخِرَةِ
وَالَّتِي لاَ يَجُوزُهَا وَلاَ يَنْجُو مِنْهَا إِلاَّ المُؤْمِنُ
الَّذِي قَدَّمَ صَالِحَ الأَعْمَالِ
سبب نزول السورة :
أخرج ابن حاتم عن ابن بريدة قال :
نزلت في قبيلتين من الأنصار في بني حارثة
وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما :
فيكم مثل فلان وفلان فقال الآخرون مثل ذلك تفاخروا بالأحياء ثم قالوا : انطلقوا بنا إلى القبور
فجعلت أحد الطائفتين تقول :
فيكم مثل فلان وفلان يشيرون إلى القبر
وتقول الأخرى مثل ذلك
فأنزل الله تعالى :
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (*) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ
(*) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (*) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ { التكاثر : 1,4
والتكاثر في كل شيء.
فكل من شغله وألهاه التكاثر بأمر من الأمور عن الله
والدار الاخرة فهو داخل فى حكم هذه الآية.
فمن الناس من يلهيه التكاثر بالمال
ومنهم من يلهيه التكاثر بالجاه أو بالعلم
فيجمعه تكاثرًا وتفاخرًا ..
وهذا أسوأ حالاً عند الله ممن يكاثر بالمال والجاه
فإنه جعل أسباب الآخرة للدنيا
وصاحب المال والجاه استعمل أسباب الدنيا
لها وكاثر بأسبابها.
عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
أَتَيْتُ النَّبِيَّ وَهُوَ يَقْرَأُ أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ قَالَ :
"يَقُولُ ابْنُ آدَمَ : مَالِي مَالِي"
قَالَ :
"وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ
إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ؟أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ؟
أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ ؟"
صحيح مسلم
ثم أوعد سبحانه من ألهاه التكاثر وعيدًا مؤكدًا
إذا عاين تكاثره هباءً منثورًا
وعَلِمَ دنياه التي كاثر بها إنما كانت خدعًا وغرورًا
فوجد عاقبة تكاثره عليه لا له وخَسِرَ هنالك
تكاثره كما خَسِرَ أمثاله وبدا له من الله
ما لم يكن فى حسابه وصار تكاثره الذي شغله
عن الله والدار الآخرة من أعظم أسباب عذابه
فَعُذِبَ بتكاثره في دنياه، ثمَّ عُذِبَ به في البرزخ
ثمَّ يُعَذَب به يوم القيامة ..
فكان أشقى بتكاثره إذ أفاد منه العطب
دون الغنيمة والسلامة فلم يفز من تكاثره
إلا بأن صار من الأقلين ولم يحفظ به من علوه به
فى الدنيا بأن حصل مع الاسفلين
فيا له تكاثرًا ما أقله، ورزءًا ما أجله
ومن غنى جالبًا لكل فقروخيرًا توَّصل به
إلى كل شر
يقول صاحبه إذا انكشف عنه غطاؤه:
يا ليتني قدمت لحياتى وعملت فيه
قَائِلُهَا بطاعة الله قبل وفاتي ..
رَبِّ ارْجِعُونِ(*) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا
تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ وَمِنْ وَرَائِهِمْ
بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
المؤمنون: 99 ,100
تلك كلمة يقولها فلا يعول عليها
ورجعة يسألها فلا يجاب إليها.
وقوله :
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ
التكاثر : 5
جوابه محذوف دل عليه ما تقدم
أي لما ألهاكم التكاثر وإنما وجد هذا التكاثر
وإلهاؤه عما هو أولى بكم لما فُقِدَ منكم
علم اليقين وهو العلم الذي يصل به صاحبه
إلى حد الضروريات التي لا يُشَك ولا يُمارى
في صحتها وثبوتها ولو وصلت حقيقة هذا العلم
إلى القلب وباشرته لما ألهاه عن موجبه.
ويُرتب أثره عليه فإن مجرد العلم بقبح الشيء
وسوء عواقبه قد لا يكفي في تركه
فإذا صار له علم اليقين كان اقتضاء هذا العلم
لتركه أشد فإذا صار عين يقين كجملة المشاهدات
كان تخلف موجبه عنه من أندر شيء
وفى هذا المعنى
قال حسان بن ثابت رضى الله عنه في أهل بدر:
سرنا وساروا إلى بدر لحتفهم ... لو يعلمون يقين العلم ما ساروا
وقوله :
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (*) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ { التكاثر: 3 ,4
قيل : تأكيد لحصول العلم
كقوله :
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (*) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ
النبأ : 4 ,5
وقيل : ليس تأكيدًا؛ بل العلم الأول عند المعاينة
ونزول الموت، والعلم الثانى في القبر
هذا قول الحسن ومقاتل
ورواه عطاء عن ابن عباس
ويدل على صحة هذا القول عدة أوجه ؛
أحدها: أن الفائدة الجديدة والتأسيس هو الأصل
وقد أمكن اعتباره مع فخامة المعنى وجلالته
وعدم الإخلال بالفصاحة
الثاني: توسط "ثُمَّ" بين العلمين وهى مؤذنة
بتراخي ما بين المرتبتين زمانًا وخطرًا
الثالث : أن هذا القول مطابق للواقع
فإن المحتضر يعلم عند المعاينة حقيقة
ما كان عليه ثم يعلم في القبر وما بعد ذلك علمًا
هو فوق الأول ..
الرابع :أن هذا مطابق لما بعده من قوله :
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (*) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ
التكاثر : 6 ,7
فهذه الرؤية الثانية غير الأولى من وجهين :
إطلاق الأولى وتقييد الثانية بعين اليقين
وتقدم الأولى وتراخي الثانية عنها.
ثم ختم السورة بالإخبار المؤكد بواو القسم
ولام التأكيد والنون الثقيلة عن سؤال النعيم
فكل أحد يسأل عن نعيمه الذي كان فيه
فى الدنياهل ناله من حلاله ووجهه أم لا ؟
فإذا تخلَّص من هذا السؤال سُئِلَ سؤالاً آخر :
هل شكر الله تعالى عليه فاستعان به
على طاعته أم لا ؟ الأول:سؤال عن سبب استخراجه والثاني : عن محل صرفه ..