الكمال⭐ هو الخدعة الكبرى الموجودة في حياة الإنسان، والتي لن يكتشفها إلَّا بعد وصوله إلى مرحلة النُّضج الفكري، والعاطفي، والعقلي؛ وذلك لأنَّ الكمال ليس له أيّ وجود؛ بل هو فكرة مجرَّدة لا تتناسب مع الواقع، وكلّما سعينا إلى الوصول إلى تحقيقه، غرقنا في الخيبة أكثر.
فلو نظرنا حولنا بعين ناقدة، إلى أي لوحة فنيّة، أو أغنية، أو قصيدة، أو أي شيء، فسنرى أنّه يمكن تحسينه؛ لذا إن كنت شخصاً ينشُد الكمال الخالص، فبالتأكيد ستتواجه تحديّات كبيرة، قد يستحيل تخطيها
⭐ما هو تعريف الكمال؟
في الحقيقة، لا يمكن أن نتَّفق على تعريف واحد للكمال ومقاييسه، ولكن يمكن أن نقول:
إنَّه مجموعة من القواعد المثالية، التي يجب أن تكون وظيفتها شحن دوافعنا بالطاقة الإيجابيّة للارتقاء باتجاه الكمال، الذي لا يمكن أن نصل إليه لأنَّه مفهوم متغيِّر، وهذه فكرة إيجابية عن الكمال.
لكنَّ المشكلة تكمن فيمن يَسجُن ذاته داخل مفهوم الكمال المطلق والمجرَّد، ولا يَعُدُّه نموذجاً للتحفيز، وهذا تقصير مجتمعيٌّ، وثقافيٌّ، وتربويٌّ، منتشر عند مختلف الطبقات، والمستويات الاجتماعية.
⭐ما هي صفات الإنسان الكمالي؟
ينشأ السعي وراء الكمال من جرَّاء التفكير المتصلِّب أو المتعنِّت؛ إذ لا يغيِّر الإنسان الكمالي توقعاته، أو خططه، أو تعامله وفقاً للموقف؛ بل يلجأ إلى تأجيل الحل، أو تجريح النفس وتقريعها، والاستسلام للأمر الواقع والامتناع عن المحاولة.
إنَّ الإنسان الكمالي يكون معرَّضاً للإصابة بالقلق والاكتئاب أكثر من غيره، كما أنَّه معرَّض بشكل أكبر للتفكير بالانتحار، وكذلك تزداد لديه معدلات الإصابة بالألم الليفي العضلي والتعب المزمن، واللذان يُعدَّان نتيجة للاكتئاب.
مشكلة الإنسان الكمالي،
هي أنَّ حبَّه لذاته، واحترامه لها، مشروط بالإنجاز والقيام بالأعمال المتقَنة؛ وهذا ما يسبِّب اضطرابات نفسية وجسدية؛ لأنَّه من المستحيل على أي إنسان مهما كانت درجة مهاراته أو خبراته، أن يُنجِز أعمالاً متقَنة طوال الوقت.
يشعر الإنسان الكمالي في أغلب الحالات أنَّه شخص محتال، ويعيش في حالة خوفٍ دائمٍ من انكشاف أمره، مع أنَّه لم يرتكب أي خطأ، ولكن بما أنَّه لا يَعُدُّ نفسه ذا قيمة إلا في الحالات المثالية، فإنَّه سيشعر في أغلب الحالات أنَّه لا يستحق ما وصل إليه.
⭐كيف تتخلص من وساوس المثالية؟
من أجل أن تنزع عن ذاتك ثوبها الوسواسي، ليكون كلُّ شيء من حولك في حالة مثالية، توجد عدّة أساليب من الممكن أن تحقِّق ذلك:
من المفيد، أن تتقبَّل بكلِّ رحابة صدر المواقف الجديدة، والأشياء غير المتوقعة، التي تصادفها في طريقك.
لا بدَّ أن تكون إنساناً منفتحاً على الفرص الجديدة، وتحاول أن تستثمر السعادة التي قد تقدِّمها لك.
عوِّد نفسك على حالة عدم الأمان، أو عدم الاستقرار.
الحياة ليست درباً معبَّداً بالورود والعصافير، لا بد أن تتقبَّل حدوث مثل هذه الأمور، وتعتاد على تكرارها.
تذكَّر جيداً، أنَّنا لسنا بحاجة إلى شراء سرير ذي تصميم أنيق ومريح إلى درجة الكمال لكي ننام؛ بل نحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على النوم في أيّ فراش، ولو كان مصنوعاً من المسامير.
اكتشف الأمر الذي يقودك إلى طلب الكمال، وعليك معرفة ما يدفعك نحو هذا الكمال.
بعد أن تعلم بدقَّة ماهيَّة هذا الدافع، يجب عليك أن تُخضِعه لمحاكمة عقليّة عادلة، وتسأل نفسك:
⭐هل هذا العمل الذي أريده بشكل مثالي يستوجب كلَّ هذا الاهتمام منّي؟
⭐هل المثالية موجودة عند الأشخاص الناجحين كلهم؟
⭐هل كان الدافع لديهم أن يكونوا مثاليين بكلِّ شي؟
في الحقيقة، لو اطّلعت على قصص عظماء التاريخ، والعلماء، وكبار الأطباء والمخترعين، سترى أنّهم لم يكونوا بتلك المثاليّة.
⭐مهارات يجب علينا إتقانها:
من المفيد أن تتعلَّم مهارة مجاملة الذات،
وهي أن تقوم بمخاطبة ذاتك باللباقة واللطف والذوق الرفيع أنفسهم، التي تخاطب بها الآخرين. خاطِب نفسك بصوت مرتفع.
لا بد لنا جميعاً، أن نقنع أنفسنا بقانون هام، هو أنَّنا حين نركِّز على الأشياء الخاطئة، ونعطيها أكثر مما تستحق من اهتمامنا، فإنَّنا سنتغافل عن الأمور الصحيحة والأشياء الإيجابية، بطريقة أو بأخرى، سواء بوعي أم بغير وعي.
يوجد في الحياة كثير من التقلّبات والأحداث، منها السلبيُّ ومنها الإيجابيُّ، ومنها ما هو خاضع لإرادتنا أو سيطرتنا، ومنها لا نملك إزاءها أيّ خيار، ولا يمكننا منعه أو تجنُّبه،
⭐مثل: الشيخوخة أو الموت.
تذكَّر طوال الوقت، أنّ السعي السليم والصحي إلى الكمال،
⭐هو الذي يحرِّكه الحماس لا الخوف، ويقوده الأمل وليس القلق، وتغلِّفه الثقة وليس التر